ثمَّ اعْلَم أَن مِنْهُم من فصل وَقَالَ الْغَلَط على ثَلَاثَة أَقسَام:(غلط صَرِيح مُحَقّق) كَمَا إِذا أردْت أَن تَقول جَاءَنِي حمَار فسبقك لسَانك إِلَى رجل ثمَّ تداركته فَقلت حمَار (وَغلط نِسْيَان) وَهُوَ أَن تنسى الْمَقْصُود فتعمد ذكر مَا هُوَ غلط ثمَّ تَدَارُكه بِذكر الْمَقْصُود فهذان لَا يقعان فِي فصيح الْكَلَام وَلَا فِيمَا يصدر عَن روية وفطانة يَعْنِي فِي الْكَلَام الْمُشْتَمل على البيدائع. وَإِن وَقع فِي كَلَام فحقه الإضراب عَن الأول المغلوط فِيهِ بِكَلِمَة بل. (وَغلط بَدَأَ) وَهُوَ أَن تذكر الْمُبدل مِنْهُ عَن قصد ثمَّ توهم السَّامع أَنَّك غالط. وَهَذَا مُعْتَمد الشُّعَرَاء كثيرا مُبَالغَة وتفننا. وَشَرطه أَن ترتقي من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِك هِنْد - نجم - بدر - كَأَنَّك وَإِن كنت مُتَعَمدا لذكر النَّجْم تغلط نَفسك وَترى أَنَّك لم تقصد إِلَّا تشبهها بالبدر. وَكَذَا قَوْلك بدر شمس. وادعاء الْغَلَط هَا هُنَا أَي فِي الثَّالِث وأظهاره أبلغ فِي الْمَعْنى من التَّصْرِيح بِكَلِمَة بل انْتهى.
البد: هُوَ الَّذِي لَا ضَرُورَة فِيهِ.
البدء: ظُهُور الرَّأْي بعد أَن لم يكن.
البديهي: هُوَ الْعلم الَّذِي لَا يتَوَقَّف حُصُوله على نظر وَكسب كتصور الْحَرَارَة والتصديق بِأَن النَّار حارة. ثمَّ التَّصْدِيق البديهي إِن كَانَ تصور طَرفَيْهِ كَافِيا فِي الْجَزْم بِهِ فبديهي أولى كالتصديق بِأَن الْكل أعظم من الْجُزْء. أَو لَا يكون كَافِيا بل يكون مُحْتَاجا إِلَى شَيْء آخر غير النّظر وَالْكَسْب من الحدس والتجربة والإحساس وَغير ذَلِك فبديهي