وَإِن أردْت توضيح هَذَا التَّعْرِيف وتحقيقه وتنقيحه ودرجة كَونه أشمل وَأسلم من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ أَن فِي هَذَا التَّعْرِيف ارْتِكَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كَمَا مر بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور فاستمع لما يَقُول هَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة أَن المُرَاد بالصورة إِمَّا نفس مَاهِيَّة الْمَعْلُوم أَي الْمَوْجُود الذهْنِي الَّذِي لَا تترتب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية فَإِن الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْحُضُور العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْعَيْنِيّ أَي الْخَارِجِي تسمى عينا أَو المُرَاد بهَا ظلّ الْمَعْلُوم وشبحه الْمُخَالف لَهُ بِالْحَقِيقَةِ على اخْتِلَاف فِي الْعلم بالأشياء.
فَإِن الْمُحَقِّقين على أَن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا وَغَيرهم على أَنه بإظلالها وأشباحها الْمُخَالفَة لَهَا بالحقائق وعَلى الأول مَا هُوَ الْحَاصِل فِي الْعقل علم من حَيْثُ قِيَامه بِهِ وَمَعْلُوم بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وعَلى الثَّانِي صُورَة الشَّيْء وظله علم وَذُو الصُّورَة مَعْلُوم وَمعنى علم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا أَن مَا فِي الذِّهْن لَو وجد فِي الْخَارِج متشخصا بتشخص زيد مثلا لَكَانَ عين زيد وبتشخص عَمْرو لَكَانَ عين عَمْرو. وَالْحَاصِل من الْحَاصِل فِي الذِّهْن نفس الْمَاهِيّة بِحَيْثُ إِذا وجد فِي الْخَارِج كَانَ عين الْعين وَبِالْعَكْسِ لَكِن هَذَا وجود ظِلِّي