جَوْهَر فماهيته لَا تكون فِي مَوْضُوع الْبَتَّةَ وماهيته مَحْفُوظَة سَوَاء نسبت إِلَى إِدْرَاك الْعقل لَهَا أَو نسبت إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي.
فَنَقُول إِن مَاهِيَّة الْجَوْهَر جَوْهَر بِمَعْنى أَنه الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع وَهَذِه الصّفة مَوْجُودَة لماهية الْجَوْهَر المعقولة فَإِنَّهَا مَاهِيَّة شَأْنهَا أَن تكون مَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع أَي إِن وجدت فِي الْأَعْيَان وجدت لَا فِي مَوْضُوع وَأما وجوده فِي الْعقل بِهَذِهِ الصّفة فَلَيْسَ ذَلِك فِي حَده من حَيْثُ هُوَ جَوْهَر أَي لَيْسَ حدا لجوهر أَنه فِي الْعقل لَا فِي مَوْضُوع بل حَده أَنه سَوَاء كَانَ فِي الْعقل أَو لم يكن فَإِن وجوده لَيْسَ فِي مَوْضُوع انْتهى.
وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَا إِشْكَال فِي كَون الشي الْوَاحِد جوهرا وعرضا باعتبارين وتغاير وجودين فَإِن الْجَوْهَر على مَا عرف ماهيته إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع وَالْعرض هُوَ الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فالصورة الجوهرية لكَونهَا بِحَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع جَوْهَر وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْمَوْضُوع عرض وَأَنت تعلم أَن بَين الْجَوْهَر وَالْعرض تباينا وتغايرا ذاتيا لَا اعتباريا.
وَأَيْضًا اعْترض الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة حَيْثُ قَالَ لَا يخفى عَلَيْك أَن القَوْل بعرضية الصُّورَة الجوهرية منَاف لحصر الْعرض فِي المقولات التسع لِأَن المقولات أَجنَاس عالية متبائنة بِالذَّاتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج انْتهى. وَقَالَ فِي الْهَامِش قَوْله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْجَواب غير تَامّ وَذَلِكَ لِأَن التَّحْقِيق عِنْدهم أَن الْإِضَافَة وَغَيرهَا من المقولات التسع لَيست مَوْجُودَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب فِي الْجَواب أَن يُقَال مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر. وَالْمَوْجُود فِيهَا هَاهُنَا أَمْرَانِ الْحَقِيقَة العلمية والحقيقة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ هِيَ وكل مِنْهُمَا مندرج فِي مقولة. الأولى من مقولة الكيف، وَالثَّانيَِة فِي مقولة أُخْرَى من مقولة الْجَوْهَر وَغَيرهَا، وَأما الْحَقِيقَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية بِأَن يكون التَّقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا أَو بِأَن يكون كل مِنْهُمَا دَاخِلا أَي الْمركب من الْعَارِض والمعروض فَلَا شكّ أَنَّهَا من الاعتبارات الذهنية وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي نفس الْأَمر انْتهى. ضَرُورَة أَن التَّقْيِيد أَمر اعتباري فَكَذَا مَا هُوَ مركب مِنْهُ فَافْهَم. وَثَانِيهمَا أَنه إِذا حصلت حَقِيقَة جوهرية فِي الذِّهْن كَانَت تِلْكَ الْحَقِيقَة علما وعرضا فَيلْزم أَن يكون شَيْء وَاحِد علما ومعلوما وجوهرا وعرضا. وَأجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول إِلَى آخر مَا ذكرنَا آنِفا وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّاهِد حَيْثُ قَالَ وَحَاصِله كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِق أَن الْقَائِم بالذهن شبح الْمَعْلُوم ومثاله وَالْحَاصِل فِيهِ عين الْمَعْلُوم وَنَفسه فَهُوَ جمع بَين المذهبين انْتهى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute