أَو انتقد كلامك وَلَا تقل قولا زيفا فَإِن قيل كَمَا أَن هَذَا الْكَلَام بِدُونِ الضَّمِير يحْتَمل غير الْإِقْرَار كَذَلِك يحْتَمل مَعَ الضَّمِير أَن يكون استهزاء، فَالْجَوَاب أَن الِاسْتِهْزَاء حرَام فَلَا يحمل على الْحَرَام. اعْلَم أَن المزاح مُبَاح مسنون للتطييب وَإِنَّمَا يقْصد بِهِ تطييب الأحباب وخلوص الْمَوَدَّة لَا التحقير والخفة.
الاستهجان: الاستقباح وَقد يستهجن التَّصْرِيح بِشَيْء فَيتْرك ويختار الْكِنَايَة وَالرَّمْز إِلَيْهِ كَمَا حُكيَ عَن قَاضِي شُرَيْح أَن رجلا أقرّ عِنْده بِشَيْء ثمَّ رَجَعَ يُنكر فَقَالَ لَهُ شُرَيْح شهد عَلَيْك ابْن أُخْت خالتك آثر شُرَيْح التَّطْوِيل وَالرَّمْز على التَّصْرِيح بكذب الْمُنكر لاستقباح التَّصْرِيح بِهِ لكَون الْإِنْكَار بعد الْإِقْرَار إدخالا للعنق فِي ربقة الْكَذِب. وَالْإِقْرَار وَالْإِنْكَار إخْوَان وَابْن الْإِقْرَار الْمقر وَابْن الْإِنْكَار الْمُنكر وإنكار الْمُنكر بعد الْإِقْرَار شَاهد على كذبه بِنَفسِهِ وَشُرَيْح كَانَ قَاضِيا فِي خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الإسكان: فِي التصريف حذف الْحَرَكَة ثمَّ الإسكان نَوْعَانِ. الإسكان بِنَقْل الْحَرَكَة. والإسكان بِحَذْف الْحَرَكَة فَقَط.
والضابطة: إِن الْوَاو وَالْيَاء المتحركتين بالضمة أَو الكسرة إِذا تحرّك مَا قبلهمَا بالضمة أَو الكسرة فَإِن كَانَتَا فِي الطّرف أَو فِي حكم الطّرف. فعلى الأول يجب الإسكان بِحَذْف الْحَرَكَة فَقَط سَوَاء كَانَ حركتهما مُخَالفَة لحركة مَا قبلهمَا أَو لَا مثل يَدْعُو وَيَرْمِي. وعَلى الثَّانِي يجب الإسكان بِحَذْف الْحَرَكَة فَقَط أَيْضا عِنْد اتِّحَاد الحركتين مثل يدعونَ أَصله يدعوون على وزن ينْصرُونَ وَيجب الإسكان بِنَقْل الْحَرَكَة عِنْد اخْتِلَافهمَا مثل دعوا ورموا مجهولي دَعَا وَرمي وَهَذِه ضابطة مضبوطة ذَكرنَاهَا أَيْضا فِي حَاشِيَة دستور الْمُبْتَدِي.
الِاسْتِثْنَاء: مُشْتَقّ من الثني بِمَعْنى الصّرْف وَالْمَنْع يُقَال ثنى فلَان عنان فرسه إِذا مَنعه وَصَرفه عَن الْمُضِيّ فِي الصوب الَّذِي يتَوَجَّه إِلَيْهِ فَسُمي الِاسْتِثْنَاء بِهِ لِأَن الِاسْم الْمُسْتَثْنى مَصْرُوف عَن حكم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ. وَالِاسْتِثْنَاء عِنْد النُّحَاة إِخْرَاج الشَّيْء عَن حكم دخل فِيهِ غَيره بإلا وَأَخَوَاتهَا سَوَاء كَانَ ذَلِك الشَّيْء الْمخْرج دَاخِلا فِي صدر الْكَلَام مندرجا تَحْتَهُ أَو لَا. فَإِن كَانَ مندرجا كزيد فِي جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا فالاستثناء مُتَّصِل. وَإِن لم يكن مندرجا بِأَن لَا يكون الْمُسْتَثْنى من جنس الصَّدْر كالحمار فِي جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا حمارا. أَو كَانَ من جنسه لَكِن يكون المُرَاد من الصَّدْر مَا لَا يُمكن دُخُول الْمُسْتَثْنى فِيهِ كَمَا إِذا أُرِيد بالقوم الْقَوْم الَّذِي لَا يكون زيد دَاخِلا فِيهِ وَقيل جَاءَنِي الْقَوْم إِلَّا زيدا فالاستثناء على كلا الْحَالين مُنْقَطع وَكلمَة إِلَّا فِي الْمُنْقَطع للْعَطْف بِمَعْنى لَكِن.
وَقَالُوا للاستثناء: الْمُتَّصِل شُرُوط ثَلَاثَة: أَحدهَا الِاتِّصَال إِذْ لَو قَالَ عَليّ لفُلَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute