للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِن قيل مَا ذكره جلال الْعلمَاء يسْتَلْزم الْمحَال لاستلزامه صدق الْعلَّة على الْمَعْلُول وَهُوَ محَال لِأَن بَينهمَا مباينة كُلية. وَوجه الاستلزام أَن الْعلَّة مَفْهُوم من المفهومات فَيلْزم على مَا ذكرْتُمْ أَن تصدق على الْمَعْلُول الْمركب من الْعلَّة المادية والصورية كَمَا تصدق على الْعلَّة المادية فَقَط قُلْنَا الْمَجْمُوع الَّذِي يصدق عَلَيْهِ الْمَعْلُول لَا تصدق عَلَيْهِ الْعلَّة وَالَّذِي تصدق عَلَيْهِ الْعلَّة لَا يصدق عَلَيْهِ الْمَعْلُول فَمَا هُوَ محَال لَيْسَ بِلَازِم وَمَا هُوَ لَازم لَيْسَ بمحال.

وتوضيحه أَن الْمَعْلُول إِنَّمَا يصدق على الْمَجْمُوع من حَيْثُ إِنَّه وَاحِد وَالْعلَّة إِنَّمَا تصدق على مَجْمُوع الْآحَاد بِلَا اعْتِبَار الْوحدَة وَالْفرق بَينهمَا كالفرق بَين الْفرق والقدم. وَالْحَاصِل أَن الْمَجْمُوع مَعَ اعْتِبَار الْوحدَة بِالدُّخُولِ أَو الْعرُوض مَعْلُول وَبلا اعْتِبَارهَا عِلّة فَإِن قيل لم لَا يجوز أَن يكون لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان. قُلْنَا إِن الْفَصْل عِلّة لتقوم الْجِنْس وتحصله كَمَا فصلنا فِي تَحْقِيق الْجِنْس أَمر مُبْهَم فَلَو كَانَ لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان فِي مرتبَة وَاحِدَة لزم توارد الْعِلَل المستقلة على مَعْلُول وَاحِد وَهُوَ محَال. وَأَيْضًا يلْزم الِاسْتِغْنَاء عَن الذاتي لاكتفاء أَحدهمَا فِي التَّقْوِيم. فَإِن قلت إِن للحيوان فصلين قريبين الحساس والمتحرك بالإرادة قلت قد مر هَذَا السُّؤَال وَجَوَابه فِي (الْحَيَوَان) فللإنسان أَن يرجع إِلَى الْحَيَوَان حَتَّى يحصل لَهُ تَقْرِيره الوافي وَجَوَابه الشافي.

ف (٨٠) :

فصل الْجَوْهَر جَوْهَر: إِذْ لَو كَانَ فصل الْجَوْهَر عرضا وَقد علمت أَن الْفَصْل يكون عِلّة لتقوم الْجِنْس لزم زِيَادَة الْفَرْع على الأَصْل الَّذِي هُوَ الْفَصْل لكَونه عِلّة لَهُ. وَقَالُوا أَيْضا إِن الْعرض لَا يكون عِلّة محصلة للجوهر فَلَا يتقوم الْجَوْهَر إِذْ الْعرض طبيعة ناعتة وبماهيته يفْتَقر إِلَى مُطلق الْمَوْضُوع والجوهر طبيعة منعوتة وَلَا فاقة لَهُ إِلَيْهِ بماهيته أصلا وَالْجِنْس والفصل فِي القوام والوجود شَيْء وَاحِد فيستحيل أَن يكون أَحدهمَا بطبيعته نعتا مفتاقا مستدعيا للوجود الرابطي وَالْآخر جوهرا مستدعيا للوجود فِي نَفسه مستغنيا فِي وجوده عَن غَيره وَإِلَّا يلْزم أَن تكون الْمَاهِيّة الْوَاحِدَة محتاجة فِي حد ذَاتهَا ومستغنية كَذَلِك.

قَالَ القَاضِي محب الله فِي حَوَاشِيه على السّلم: فَإِن قيل كَيفَ يكون الْجِنْس والفصل شَيْئا وَاحِدًا متحدا فِي الْوُجُود على تَقْدِير كَونهمَا جوهرين أَيْضا وَقد قَالَ الشَّيْخ فِي الهيئات (الشِّفَاء) إِن من الْمحَال أَن يتحد الجوهران. قُلْنَا: لَيْسَ هُنَا جوهران متعددان ثمَّ اتحدا بل جَوْهَر وَاحِد مَوْجُود لوُجُود الْجِنْس والفصل كَمَا قَالَ الشَّيْخ فِي تَحْدِيد الْإِنْسَان بِالْحَيَوَانِ النَّاطِق أَنه يفهم مِنْهُ شَيْء هُوَ بِعَيْنِه الْحَيَوَان الَّذِي ذَلِك الْحَيَوَان

<<  <  ج: ص:  >  >>