للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مثل ثَمَر وَتَمْرَة - وَالْحق أَنه لَيْسَ بِجمع لأمرين: أَحدهمَا: قَوْله تَعَالَى: {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} - بتذكير الْوَصْف فَإِنَّهُم أَجمعُوا على امْتنَاع وصف الْجمع بالمفرد الْمُذكر - وعَلى أَن هَذَا الْوَصْف هُوَ الْفَارِق بَين الْجمع وَاسم الْجمع. وَالثَّانِي: أَن لفظ الْكَلم لَيْسَ على وزن من أوزان الْجمع فَلَا يَنْبَغِي أَن يشك فِي جمعية الْكَلم بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ الجنسي كَمَا لَا يشك فِي جمعية تمر وَركب بذلك الِاعْتِبَار فَإِن جمعية الْكَلم وَالتَّمْر والركب بِهَذَا الْمَعْنى يقيني مَقْطُوع بِهِ. وَأَيْضًا لَا يَنْبَغِي أَن لَا يشك فِي عدم جمعية الْكَلم حَقِيقَة بِاعْتِبَار اللَّفْظ كَمَا لَا يشك فِي جمعية نسب ورتب جمع نِسْبَة ورتبة فَإِنَّهُمَا جمعان حقيقيان لفظا لِأَن جمعية الْكَلم بِهَذَا الْمَعْنى منتفية قطعا - فالكلم مثل تمر وَركب وَلَيْسَ مثل نسب ورتب وَلِهَذَا قَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي التَّلْوِيح فَفِي قَوْله والكلم إِن كَانَ جمعا حزازة وَالصَّوَاب وَإِن كَانَ بِالْوَاو. وَوجه الحزازة أَي القباحة على مَا نقل عَنهُ أَنه يشْعر بالتردد وَلَا تردد فِيهِ أَي فِي جمعية الْكَلم بِالْمَعْنَى الجنسي إِذْ الجمعية بِهَذَا الْمَعْنى ثَابِتَة فِيهِ والجمعية اللفظية منتفية فِيهِ لما مر وَإِنَّمَا كَانَ وَإِن كَانَ بِالْوَاو صَوَابا لدلالته هِيَ الْقطع بالجمعية - والجمعية بِاعْتِبَار معنى الجنسية مَقْطُوع بهَا فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ نَافِع فِي التَّلْوِيح.

الْكَلِمَة: مُشْتَقَّة من الْكَلم بِسُكُون اللَّام بِمَعْنى الْجرْح. وَهِي عِنْد أهل الْحق مَا يكنى بِهِ عَن كل وَاحِدَة من الماهيات والأعيان. وَعند النُّحَاة لفظ وضع لِمَعْنى مُفْرد. وَعند المنطقيين مرادف للْفِعْل يَعْنِي كلمة دلّت على معنى فِي نَفسهَا مقترن بِأحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة - وَأما إِن كَون كل فعل عِنْد النُّحَاة كلمة عِنْد المنطقيين أَو لَا فمسئلة معركة الآراء - وَإِن أردْت الِاطِّلَاع عَلَيْهَا فَانْظُر فِي لَيْسَ كل فعل عِنْد الْعَرَب كلمة عِنْد المنطقين، وَفِي الشَّرْع الْكَلِمَة الطّيبَة أَعنِي لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله. وفضائلها أَكثر من أَن تحصى وَبَعضهَا مَذْكُور فِي الْقَبْر فَانْظُر فِيهِ فَإِنَّهُ ينفعك لبَقَاء الْإِيمَان فَإِن قيل إِن أُرِيد بِلَفْظ إِلَه فِي الْكَلِمَة الطّيبَة المعبود الْمُطلق لم يَصح الحكم بِالنَّفْيِ. وَإِن أُرِيد المعبود بِالْحَقِّ لزم اسْتثِْنَاء الشَّيْء عَن نَفسه أَقُول: إِنَّا نَخْتَار الثَّانِي وَلَا نسلم الْمَحْذُور الْمَذْكُور لِأَن المعبود بِالْحَقِّ أَعم من الله تَعَالَى مفهوما وَإِن كَانَ مُسَاوِيا لَهُ صدقا وَعُمُوم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ صدقا يَكْفِي فِي صِحَة الِاسْتِثْنَاء. وَكلمَة لَا لنفي الْجِنْس وإله اسْمهَا وخبرها مَحْذُوف فَإِن قيل خَبَرهَا الْمَحْذُوف إِمَّا مَوْجُودا وممكن وَلَا يَصح الأول وَلَا الثَّانِي. أما الأول: فَلِأَن تَقْدِير الْكَلَام حِينَئِذٍ لَا إِلَه مَوْجُود إِلَّا الله وَنفي الْوُجُود لَا يسْتَلْزم نفي الْإِمْكَان بِخِلَاف الْعَكْس فَيبقى إِمْكَان تِلْكَ الْأَفْرَاد المتعددة على حَاله فَلَا يكون توحيدا مَحْضا لِأَن الْمَقْصُود إِثْبَات امْتنَاع شريك الْبَارِي لَا نفي وجوده مَعَ إِمْكَانه. وأمال الثَّانِي: فَلِأَن الْمَعْنى حِينَئِذٍ فِي لَا إِلَه مُمكن إِلَّا الله. وَأَنت تعلم أَن الْإِمْكَان لَا يسْتَلْزم الْوُجُود فَلَا يعلم حِينَئِذٍ إِلَّا إِمْكَانه تَعَالَى لَا وجوده تَعَالَى. وللعلماء فِي جَوَاب هَذَا الْإِشْكَال

<<  <  ج: ص:  >  >>