للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتكثر ذَلِك الْمَفْهُوم بِحَسب خَارج الذِّهْن بِمُجَرَّد النّظر إِلَيْهِ من حَيْثُ تصَوره فَقَط مَعَ الإغماض عَمَّا وَرَاه من برهَان التَّوْحِيد والخصوصيات الْمَانِعَة من التكثير فِي الْخَارِج وَالصُّورَة المتكثرة الْحَاصِلَة من زيد بِاعْتِبَار تكْثر الأذهان تستحيل أَن تتكثر فِي الْخَارِج عَن الذِّهْن بل كلهَا هوية زيد بِنَاء على أَنَّهَا لَو وجدت فِي الْخَارِج لكَانَتْ عين زيد. وَهَذَا معنى قَوْلهم حُصُول الْأَشْيَاء بأنفسها وبأعيانها فِي الذِّهْن لَا بأشباحها وأمثالها. فَإِن قيل فعلى هَذَا يخرج الكليات الْفَرْضِيَّة الَّتِي لَا تكْثر فِيهَا أصلا. والمعقولات الثَّانِيَة الَّتِي لَا يُحَاذِي لَهَا أَمر فِي الْخَارِج. وَالْحَاصِل أَنكُمْ اعتبرتم فِي الْكُلية تكْثر الْمَفْهُوم بِحَسب الْخَارِج وَهُوَ إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي الكليات الْحَقِيقِيَّة الَّتِي لَهَا أشخاص مَوْجُودَة فِي الْخَارِج فَيخرج مَا سوى هَذِه الكليات عَن تَعْرِيف الْكُلِّي. قُلْنَا إِن الْعقل بِمُجَرَّد تصور تِلْكَ الْأُمُور وَالنَّظَر إِلَيْهَا مَعَ الإغماض عَن الخصوصيات الْخَارِجَة عَنْهَا يجوز تكثرها بِحَسب الْخَارِج. لِأَن الْمَانِع من هَذَا التجويز لَيْسَ إِلَّا اشْتِمَال الْمَفْهُوم على الهذية وَهُوَ مَفْقُود هَا هُنَا. فَتكون تِلْكَ الْأُمُور المنقوضة بهَا كليات لَا جزئيات. فَإِن قيل لَا نسلم أَن ارْتِفَاع ذَلِك الْمَانِع كَاف فِي ذَلِك التجويز. لم لَا يجوز أَن يكون هُنَاكَ مَانع آخر كَيفَ فَإِن خُصُوصِيَّة عنوان اللاشيء مثلا وَكَون الصُّورَة الذهنية من المعقولات الثَّانِيَة عِلّة مُسْتَقلَّة لِامْتِنَاع وجود أفرادهما فِي الْخَارِج ومانعة من ذَلِك التجويز. . نعم لَو لم يكن هُنَاكَ مَانع عَن ذَلِك التجويز سوى الهذية للَزِمَ من انتفاءها انْتِفَاء امْتنَاع تَجْوِيز التكثر بِحَسب الْخَارِج. قُلْنَا إِن الْكُلية من الْأُمُور الإضافية الْمَحْضَة يَعْنِي لَيْسَ فِي نفس الْمَوْصُوف بهَا أَمر متقرر يكون منشأ لانتزاعها بل إِذا نسب شَيْء إِلَى جزئياته الْمَوْجُودَة أَو الموهومة بصدقه عَلَيْهَا وتطابقه لَهَا يكون موصوفاتها وَحكم عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ. فالكلي مَا جوز الْعقل تكثره من حَيْثُ خُصُوص عنوانه مَعَ عزل النّظر عَمَّا هُوَ خَارج عَنهُ بِحَسب الْوَاقِع. والأفراد الَّتِي بِالْقِيَاسِ إِلَيْهَا كُلية ذَلِك الْكُلِّي مَا لَا يَأْبَى هُوَ نفس مَفْهُومه وخصوص عنوانه عَن الِاتِّحَاد مَعهَا مَوْجُودَة كَانَت أَو مَعْدُومَة وَهِي الْأَفْرَاد النَّفس الأمرية. وَأما الْفَرْضِيَّة الْمَحْضَة الَّتِي يَأْبَى هُوَ بِخُصُوص عنوانه عَن الِاتِّحَاد عَنْهَا فَلَيْسَتْ لَهَا حَظّ من الفردية بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ إِلَّا بِالْفَرْضِ البحت. وَتلك الكليات المنقوضة بهَا بِخُصُوص عنواناتها لَا تمنع الْعقل عَن تَجْوِيز كثرتها بِحَسب الْحمل على أفرادها فِي نفس الْأَمر وَإِن كَانَت متوهمة أَو ممتنعة. هَذَا مَا ذكره بعض الْفُضَلَاء. قيل فِي اندراج الكليات الْفَرْضِيَّة تَحت الْكُلِّي خَفَاء إِذْ الْكُلِّي مَا لَا يمْنَع تصَوره عَن الشّركَة. والتصور هُوَ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل فَلَو كَانَت كليات لكَانَتْ أَشْيَاء قبل الشَّيْء الْمَأْخُوذ فِي تَعْرِيف التَّصَوُّر بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ الشَّامِل للموجود والمعدوم واللاشيء واللاممكن. فَإِن قيل يلْزم فِي الْكُلِّي سلب الشَّيْء عَن نَفسه لِأَن مَفْهُوم الْكُلِّي يصدق على نَفسه صدقا عرضيا لِأَن مَفْهُوم الْكُلِّي أَيْضا كلي كَمَا لَا يخفى. فَهُوَ فَرد من نَفسه ومعروض لَهُ فَهُوَ غير نَفسه لِأَن المعروض لَيْسَ نفس الْعَارِض فَهُوَ لَيْسَ نَفسه فَلَزِمَ سلب الشَّيْء عَن نَفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>