الشَّيْء الَّذِي يكون نظامه على نهج وَاحِد كَأَن يكون من مبدأ وَاحِد امتداد وَاحِد مُتَّصِل فِي نَفسه وَإِن كَانَ لَهُ أَجزَاء ومفاصل بِاعْتِبَار الْفَرْض وَيُمكن أَن يُرَاد بالمتسق النظام أَن يكون بَين أَجزَاء السلسلة الْغَيْر المتناهية ترَتّب إِمَّا عقلا بِأَن يكون أَحدهَا عِلّة للْآخر وَهَكَذَا إِلَى غير النِّهَايَة. أَو وَصفا كَمَا هُوَ الظَّاهِر سَوَاء كَانَت تِلْكَ الْأَجْزَاء مَوْجُودَة أَو مَفْرُوضَة.
المتصرفة: قُوَّة مرتبَة فِي التجويف الْأَوْسَط من الدِّمَاغ وسلطانها وتصرفها فِي الْجُزْء الأول من ذَلِك التجويف من شَأْنهَا تركيب بعض مَا فِي الخيال أَو الحافظة من الصُّور والمعاني مَعَ بعض وتفصيله عَنهُ. كَمَا إِذا تصور إِنْسَان ذَا جناحين وَذَا رَأْسَيْنِ. وكما إِذا تصور إِنْسَان بِلَا رَأس وَرجل - وَهَذِه الْقُوَّة إِذا استعملها الْعقل فِي مدركاته بِضَم بَعْضهَا إِلَى بعض أَو فَصله عَنهُ سميت مفكرة لتصرفها فِي الْموَاد الفكرية - وَإِذا استعملها الْوَهم فِي المحسوسات مُطلقًا أَي بسمع أَو بصر أَو غير ذَلِك سميت.
متخيلة: لتصرفها فِي الصُّور الخيالية. فالمتخيلة هِيَ الْقُوَّة الَّتِي تتصرف فِي الصُّور المحسوسة والمعاني الْجُزْئِيَّة المنتزعة عَنْهَا.
وَاعْلَم أَن هَذِه الْقُوَّة متحركة دَائِما لَا تسكن فِي النّوم واليقظة أصلا وَمن شَأْنهَا محاكات المدركات المحسوسة والمعقولة وَرُبمَا حاكت الكيفيات المزاجية كَمَا أَن السوداوي يرى فِي الْمَنَام الأدخنة والصفراوي النيرَان والبلغمي الْمِيَاه والثلوج وَلذَلِك يسْتَدلّ الْأَطِبَّاء بالمنامات على الأمزجة وَلكُل نفس خاصية فِي تِلْكَ المحاكات فَرُبمَا حاكته بِأَمْر يحاكيه غَيرهَا بِأَمْر آخر وَلذَلِك كَانَ تَعْبِير الرُّؤْيَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص. وَلَا بُد فِيهِ من حدس تَامّ وَقد يحاكي الشَّيْء بضده فَإِن الضدين يَجْتَمِعَانِ فِي الْحس الْمُشْتَرك فَرُبمَا انْتقل من أَحدهمَا إِلَى الآخر كَمَا أَن الْبكاء فِي الرُّؤْيَا معبر بالفرح وَالْمَوْت بطول عمره إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يعرفهُ أَهله.
المتكرر النَّوْع: هُوَ كل نوع يكون بِحَيْثُ إِذا فرض إِن فَردا أَمنه أَي فَرد كَانَ مَوْجُودا وَجب أَن يَتَّصِف ذَلِك الرَّد بذلك النَّوْع حَتَّى يُوجد ذَلِك النَّوْع فِي ذَلِك الْفَرد مرَّتَيْنِ مرّة على أَنه حَقِيقَته أَي تَمام حَقِيقَة ذَلِك الرَّد وَمرَّة على أَنه صفته وَعرضه. فَلَا يرد أَن كل نوع كَذَلِك فَإِن الْإِنْسَان يُوجد فِي زيد مثلا مرّة على أَنه تَمام حَقِيقَته. وَمرَّة على أَنه يَتَّصِف بالإنسان. وَإِلَّا لم يكن قَوْلنَا بِالضَّرُورَةِ كل إِنْسَان حَيَوَان مَا دَامَ إنْسَانا مَشْرُوطَة عَامَّة لِأَن الْوَصْف العنواني فِيهِ عين حَقِيقَة ذَات الْمَوْضُوع كَمَا يكون زَائِدَة عَلَيْهِ بِخِلَاف الْوحدَة مثلا فَإِنَّهُ لَو وجد فَرد مِنْهَا لكَانَتْ هِيَ عين حَقِيقَته وعارضة لَهُ أَيْضا.
وَلَا يخفى على الزكي الوكيع أَنه يعلم من هَذَا التَّقْرِير جَوَاب آخر وَهُوَ أَن الْإِنْسَان لَيْسَ بِعَيْنِه عارضا لفرده بل كَونه إنْسَانا وَهُوَ أَمر آخر. بِخِلَاف الْوحدَة فَإِنَّهَا عين حَقِيقَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute