وَمن كَانَ لَهُ نور الْعقل يعلم من هَذَا الْبَيَان الْفرق بَين المحرك الْقَرِيب والمحرك الْبعيد بِأَن المحرك الْبعيد مُجَرّد عَن الْمَادَّة. بِخِلَاف المحرك الْقَرِيب فَإِنَّهُ مادي. وَبِأَن المحرك الْبعيد لَهُ تصورات كُلية وللمحرك الْقَرِيب تصورات جزئية سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ أَن بعض الْمُؤمنِينَ فِي هَذِه اللَّيْلَة الْمُبَارَكَة الْخَامِسَة عشر من شعْبَان مشتغلون بإضاءة السرج والمشاعل. وَبَعْضهمْ بِأَكْل الجباتي والحلواء وأنواع المآكل. وَبَعْضهمْ بالتسبيح والتهليل والنوافل. وَهَذَا العَاصِي فِي إِضَاعَة بضَاعَة الْعُمر الْعَزِيز بتحقيق المحرك الْمجَازِي غافلا عَن المحرك الْحَقِيقِيّ. اللَّهُمَّ أحرق بِنَار الْعَفو بَيت السَّيِّئَات. وَنور صرح وجودي بسراج توفيق الْحَسَنَات. إِنَّك غفار الذُّنُوب. وستار الْعُيُوب.
شعر:
(امشب شب براءت جهان است اي خدا ... )
(مارا براءت عَفْو جرائم بكن عطا ... )
(از قاضيان كه قَاضِي عاصي بود منم ... )
(از فضل خويش جرم ببخش وكرم نما ... )
المحاق: المحو وَآخر الشَّهْر أَو ثَلَاث لَيَال من آخِره. وَفِي الْهَيْئَة المحاق خلو وَجه الْقَمَر المواجه لنا عَن النُّور الْوَاقِع عَلَيْهِ من الشَّمْس لَا لحيلولة الأَرْض بَينهمَا.
وَاعْلَم أَن جرم الْقَمَر فِي نَفسه مكدر أَزْرَق مائل إِلَى السوَاد ومظلم غير نوراني كثيف قَابل للاستنارة من غَيره صقيل ينعكس النُّور عَنهُ إِلَى مَا يحاذيه. وَإِنَّمَا يستضيء استضاءة يعْتد بهَا بضياء الشَّمْس لَا بضياء غَيرهَا من الْكَوَاكِب لضعف أضوائها كالمرآة المجلوة الَّتِي تستنير من المضيء المواجه لَهَا. وينعكس النُّور عَنْهَا إِلَى مَا يقابلها فَيكون نصف الْقَمَر المواجه للشمس أبدا مستضيئا لَو لم يمْنَع مَانع كحيلولة الأَرْض بَينهمَا وَالنّصف الآخر مظلما. وَهَذَا الحكم تقريبي لما بَين فِي مَوْضِعه من أَن الكرة إِذا استضاء من كرة أكبر مِنْهَا كَانَ المستضيء من نصفهَا. فَعِنْدَ اجْتِمَاع الشَّمْس وَالْقَمَر فِي مَوضِع وَاحِد من فلك البروج يكون الْقَمَر بَيْننَا وَبَين الشَّمْس فَيكون نصفه المظلم مواجها لنا فَلَا نرى شَيْئا من ضوئه وَذَلِكَ هُوَ المحاق. وَإِذا بعد الْقَمَر من الشَّمْس مِقْدَارًا قَرِيبا من اثْنَي عشر جُزْءا أَو أقل مِنْهُ بِقَلِيل أَو أَكثر كَذَلِك على اخْتِلَاف أوضاع المساكن مَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute