الْمَشْرُوطَة الْعَامَّة بِالْمَعْنَى الأول بل بِالْمَعْنَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا بُد لوصف الْمَوْضُوع فِيهَا من أَن يكون لَهُ دخل فِي الضَّرُورَة مثل كل كَاتب إِنْسَان بِالضَّرُورَةِ مَا دَامَ كَاتبا. فَإِنَّهُ يَصح أَن يُقَال إِن مَعْنَاهُ إِن ذَات الْكَاتِب إِنْسَان بِالضَّرُورَةِ فِي جَمِيع أَوْقَات ثُبُوت الْكِتَابَة لَهُ. وَلَا يَصح أَن يُقَال إِن ثُبُوت الْإِنْسَان ضَرُورِيّ لذات الْكَاتِب بِشَرْط ثُبُوت وصف الْكِتَابَة لَهُ. أَي لذات الْكَاتِب مَعَ وصف الْكِتَابَة. وعَلى الأول فالوصف الْمَذْكُور إِمَّا ضَرُورِيّ لذات الْمَوْضُوع حَال ثُبُوته أَو لَا. فعلى الأول تصدق الْمَشْرُوطَة بالمعنيين مَعًا كَقَوْلِك كل منخسف فَهُوَ مظلم بِالضَّرُورَةِ مَا دَامَ منخسفا. سَوَاء أُرِيد مِنْهُ بِشَرْط كَونه منخسفا أَو مَا دَامَ منخسفا بِلَا اعْتِبَار الِاشْتِرَاط. أَي فِي جَمِيع أَوْقَات ثُبُوت وصف الانخساف لذات المنخسف. وعَلى الثَّانِي تصدق الْمَشْرُوطَة الْعَامَّة بِالْمَعْنَى الأول دون الثَّانِي مثل كل كَاتب متحرك الْأَصَابِع مَا دَامَ كَاتبا. فَإِنَّهُ بِالْمَعْنَى الأول صَادِق وبالمعنى الثَّانِي كَاذِب لِأَن حَرَكَة الْأَصَابِع لَيست ضَرُورِيَّة فِي وَقت كِتَابَته وَهُوَ وَقت الظّهْر مثلا إِذْ الْكِتَابَة لَيست ضَرُورِيَّة لَهُ فِي شَيْء من الْأَوْقَات فَكَذَا حَرَكَة الْأَصَابِع.
فقد حصل لَك من هَذَا الْبَيَان مَادَّة الِاجْتِمَاع ومادتا الِافْتِرَاق. وَإِنَّمَا كَانَ الانخساف ضَرُورِيًّا لذات الْقَمَر وَقت ثُبُوته لَهُ لما قَالُوا إِن وَقت الانخساف هُوَ وَقت الْحَيْلُولَة والانخساف ضَرُورِيّ الثُّبُوت لَهُ فِي ذَلِك الْوَقْت. - فَإِن قلت إِن قَوْلنَا كل مَعْدُوم الْعلَّة من الْمُمكن فَهُوَ مُمْتَنع الْوُجُود بِالضَّرُورَةِ مَا دَامَ مَعْدُوم الْعلَّة أَي بِشَرْط كَونه مَعْدُوم الْعلَّة مَشْرُوطَة عَامَّة. وتنعكس بعكس النقيض إِلَى عرفية عَامَّة أَعنِي قَوْلنَا كل مَا أمكن وجوده يكون علته مَوْجُودَة بالدوام مَا دَامَ أمكن وجوده.
وَأَنت تعلم أَن الْعَكْس لَازم للقضية. وَبطلَان اللَّازِم أظهر من أَن يخفى لِأَن إِمْكَان الْوُجُود يتَحَقَّق حَال عدم الْعلَّة نعم لَا تحقق بِشَرْط عدم الْعلَّة - وَأَيْنَ التحقق من الْإِمْكَان فبطلان الْمَلْزُوم أظهر من أَن يظْهر - قُلْنَا إِن الِامْتِنَاع هَا هُنَا هُوَ الِامْتِنَاع بِشَرْط وصف الْعَدَم أَي الِامْتِنَاع الَّذِي منشأه عدم الْعلَّة فنقيضه لَيْسَ الْإِمْكَان الذاتي بل الْإِمْكَان الوصفي أَي الْإِمْكَان بِشَرْط الْوُجُود أَي حَال الْوُجُود. وَلَا شكّ أَن إِمْكَان الشَّيْء حَال وجوده لَا يكون إِلَّا عِنْد وجود علته.
الْمَشْرُوطَة الْخَاصَّة: هِيَ الْمَشْرُوطَة الْعَامَّة الْمقيدَة باللادوام الذاتي مثل بِالضَّرُورَةِ كل كَاتب متحرك الْأَصَابِع مَا دَامَ كَاتبا لَا دَائِما. أَي لَا شَيْء من الْكَاتِب متحرك الْأَصَابِع بِالْفِعْلِ.
الْمُشرك: فِي الْمُنَافِق إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute