وَالْجَوَاب: بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن المُرَاد بالابتناء الْحسي الابتناء الَّذِي يكون طرفاه حسيين لَا أَن نفس الابتناء حسي حَتَّى يرد مَا أورد فوصف الابتناء بالحسي وصف بِحَال مُتَعَلّقه وَثَانِيهمَا أَن المُرَاد بالابتناء الْحسي الابتناء الَّذِي يعْتَبر فِي الْعرف أَنه مدرك بالحس فَإِن ابتناء السّقف على الْجِدَار بِمَعْنى كَونه مَبْنِيا عَلَيْهِ وموضوعا فَوْقه مِمَّا يعْتَبر فِي الْعرف أَنه مدرك بالحس.
وَاعْلَم أَن الْجَواب بِالْوَجْهِ الثَّانِي لَيْسَ اعترافا بحسية بعض الإضافيات كَمَا وهم بل بحسية بعض الكيفيات يَعْنِي أَن المُرَاد بابتناء السّقف على الْجِدَار بِمَعْنى كَونه مَبْنِيا عَلَيْهِ وموضوعا فَوْقه الْحَالة الْحَاصِلَة مِنْهُ الَّتِي هِيَ من الكيفيات فتوصيف الابتناء بالحسي بِاعْتِبَار حسية تِلْكَ الْحَالة الْحَاصِلَة مِنْهُ. وَهَذِه الْحَالة قد تكون حسية كَمَا فِي ابتناء السّقف على الْجِدَار. وَقد تكون عقلية كَمَا فِي ابتناء الْفِعْل على مصدره. وَلَا نزاع فِي أَن بعض الكيفيات حسية وَبَعضهَا عقلية بِخِلَاف الإضافيات فَإِن كلهَا أُمُور عقلية لَا غير. وَمن هَذَا الْبَيَان انْدفع مَا قيل إِن الحكم بِكَوْن الإضافيات كلهَا أُمُور عقلية غير صَحِيح إِذْ كثير من النّسَب والإضافات محسوسة كاتصال الْجِسْم بعضه بِبَعْض وكتماس الجسمين وتوازيهما إِلَى غير ذَلِك من النّسَب الْكَثِيرَة وإنكار ذَلِك عناد مَحْض. وَوجه الاندفاع أَن مَا تقرر فِي الْحِكْمَة أَن الإضافات كلهَا أُمُور عقلية حكم صَحِيح حق وَإِن المحسوس فِيمَا ذكره إِنَّمَا هُوَ الْكَيْفِيَّة الْحَاصِلَة من التمَاس والاتصال والتوازي لَا هِيَ أَنْفسهَا وَإِن شِئْت جلية الْحَال ووضوح الْمقَال فَانْظُر إِلَى الْحَرَكَة فَإِن المحسوس هُوَ الْحَرَكَة بِمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَهِي الْحَالة الْحَاصِلَة للمتحرك الَّتِي هِيَ من الكيفيات لَا بِمَعْنى إِيقَاع تِلْكَ الْحَرَكَة.
ثمَّ اعْلَم أَن الأَصْل نقل فِي الِاصْطِلَاح الْخَاص أَعنِي اصْطِلَاح أصُول الْفِقْه إِلَى الْمَقِيس عَلَيْهِ. وَفِي الْعرف الْعَام إِلَى معَان آخر مثل الرَّاجِح وَالْقَاعِدَة الْكُلية وَالدَّلِيل كَمَا قَالُوا الأَصْل أَن يَلِي الْفَاعِل الْفِعْل أَي الرَّاجِح وُقُوع الْفَاعِل بعد فعله بِلَا فصل مَعْمُول آخر وَالْوَاو فِي قَالَ مَقْلُوبَة بِالْألف للْأَصْل أَي الْقَاعِدَة الْكُلية الْمَذْكُورَة فِي علم الصّرْف. وأصل هَذَا الحكم كَذَا أَي دَلِيله وَقد يذكر وَيُرَاد بِهِ الْوَضع كَمَا قَالَ الشَّيْخ ابْن الْحَاجِب فِي الكافية الْوَصْف شَرطه أَن يكون فِي الأَصْل أَي فِي الْوَضع.
أصُول الْفِقْه: مركب إضافي ثمَّ نقل من التَّرْكِيب الإضافي وَجعل علما لقبا للْعلم الْمَخْصُوص فَلهُ تعريفان: تَعْرِيف بِاعْتِبَار الْإِضَافَة وتعريف بِاعْتِبَار أَنه لقب لعلم مَخْصُوص. وَقدم ابْن الْحَاجِب رَحمَه الله تَعْرِيفه اللقبي وَصدر الشَّرِيعَة رَحمَه الله تَعْرِيفه الإضافي وَلكُل وجهة هُوَ موليها. فَإِن من قدم تَعْرِيفه اللقبي نظر إِلَى أَمريْن أَحدهمَا أَن الْمَعْنى اللقبي هُوَ الْمَقْصُود فِي الْإِعْلَام والاشتغال بِالْمَقْصُودِ أولى وَالثَّانِي أَن ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute