وجه لذلك وقد قيل إن المستبحر مخصوص من هذا بالإجماع والراجح أن الماء الساكن١ لا يحل التطهر به مادام ساكنا فإذا تحرك عاد له وصفه الأصلي وهو كونه مطهرا وهذه هي المسألة الخامسة من مسائل الباب.
قوله: مستعمل وغير مستعمل. هذه المسأله السادسة من مسائل الباب وقد وقع الاختلاف بين أهل العلم في الماء المستعمل لعبادة من العبادات هل يخرج بذلك عن كونه مطهرا أم لا فحكى عن أكثر العترة وأحمد بن حنبل والليث والأوزاعي والشافعي ومالك في إحدى الروايتين عنهما وأبي حنيفة في رواية عنه أن الماء المستعمل غير مطهر واستدلوا بما تقدم من حديث النهي عن التطهر به ليست كون ذلك الماء مستعملا بل كونه ساكنا وعلة السكون لا ملازمة بينها وبين الإستعمال واحتجوا أيضا بما ورد من النهي عن الوضوء بفضل وضوء المرأة ولا تنحصر علة ذلك في الإستعمال كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله فلا يتم الاستدلال بذلك لإحتماله ولو كانت العلة الاستعمال لم يختص النهي بمنع الرجل من الوضوء بفضل المرأة وبالعكس بل كان النهي سيقع من الشارع لكل أحد عن كل فضل ومن جملة ما استدلوا به أن السلف كانوا يكملون الطهارة بالتيمم عند قلة الماء لا تساقط منه وهذه حجة ساقطة لا ينبغي التعويل على مثلها في إثبات الأحكام الشرعية فعلى هذا المستدل أن يوضح هل كان هذا التكميل يفعله جميع السلف أو بعضهم والأول باطل والثاني لا ندري من هو فليبين لنا من هو على أنه لا حجة إلا الإجماع عند من يحتج بالإجماع وقد استدلوا بأدلة هي أجنبية عن محل النزاع مثل حديث غسل اليد بعد الاستيقاظ قبل إدخالها الإناء ونحوه فالحق أن المستعمل طاهر مطهر عملا بالأصل وبالأدلة الدالة على
١ظاهر هذا أنه حمل معنى الدائم على الساكن عن الحركة. والماء جسم سيال لا يكتنفه حقيقة سكون. والأظهر أن المراد بالدائم الساكن عن الجري بدليل رواية في الماء الدائم الذي لا يجري. فلا يخرج من النهي بمجرد تحريكه. بل لا بد من جريه، وأيضا فتحركه ثم عوده بسرعة لا يخرجه عن كونه دائما بخلاف إذا جرى. من خط العلامة حسن بن يحيى قدس سره.