قوله: ومتحرك وساكن وجه ذلك أن سكونه وإن كان قد ورد النهي عن التطهر به حاله فإن ذلك لا يخرجه عن كونه طهورا لأن وصف كونه طهورا بمجرد تحركه.
وقد دلت الأحاديث على أنه لا يجوز التطهير بالماء الساكن ما دام ساكنا١ كحديث أبي هريرة عند مسلم رضي الله عنه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لايغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقالوا: يا أبا هريرة كيف يفعل قال: يتناوله تناولا وفي لفظ لأحمد وأبى داود: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابه" وفي لفظ للبخاري: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" وفي لفظ للترمذي: "ثم يتوضأ منه" وغير هذه الروايات التي يفيد مجموعها النهي عن البول في الماء الدائم على إنفراده والنهي عن الإغتسال فيه على انفراده والنهي عن مجموعة الأمرين ولا يصح أن يقال: إن روايتي الإنفراد مقيدتان بالإجتماع لأن البول في الماء على انفراده لا يجوز فأفاد أن هذا الإغتسال أوالوضوء في الماء الدائم من دن بول فيه غير جائز فمن لا يجد إلا ماء ساكنا وأراد أن يتطهر منه فعليه أن يحتال قبل ذلك بأن يحركه حتى يخرج من وصف كونه ساكنا ثم يتوضأ منه وأما أبو هريرة فقد حمل النهي على الإنغماس في الماء الدائم ولهذا لما سئل كيف يفعل قال: يتناوله تناولا ولكنه لا يتم ذلك في الوضوء فإنه لا إنغماس فيه بل هو يتناوله تناولا من الإبتداء فالأولى تحريك الماء قبل الشروع في الطهارة ثم يتطهر به.
وقد ذهب الجمهور إلى خلاف ما دلت عليه هذه الروايات فلم يفرقوا بين المتحرك والساكن ومنهم من قال: أن هذه الروايات محمولة على الكراهة فقط ولا
١ لا يذهب عليك أن قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" مشروطة عامة. يعني أنه حكم فيها بالمنع من الاغتسال على الماء ما دام وصفه وهو الديمومة وهو معنى خروجه عن كونه مطهرا. والقول بعدم خروجه عنها ح. معللا بسرعة الزوال خلف من المقال وضرورة بطلان قولك المحمر وجهه ليس بخجل لسرعة زوال الحمرة المحكوم عليها بالخجل ما دامت. والله أعلم من خط العمراني.