وأما تقييد البول بكونه بعد أيام الرضاع فلحديث "يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام" أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والبزار وابن خزيمه من حديث أبي السمح خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصححه الحاكم.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه من حديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بول الغلام الرضيع ينضح وبول الجارية يغسل" وأخرجه أيضا ابن ماجه وأبو داود بإسناد صحيح عن على موقوفا.
وأخرج أحمد وأبو داود ابن ماجه وابن خزيمه وابن حبان والطبراني من حديث أم الفضل لبانة بنت الحارث قالت: بال الحسين ابن علي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يارسول الله أعطني ثوبك والبس ثوبا غيره حتى أغسله فقال: "إنما ينضح من بول الذكر ويغسل من بول الأنثى".
وثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أم قيس بنت محصن "أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله".
= وقد علمت أن لا مفهوم ولا مقتضى إلا لكلام المعصوم. وقد تكلم الأصوليون على ذلك عند الكلام على" المنطوق والمفهوم"، والأخذ بهما في كلام الله ورسوله لا غير. وتكلموا مع ذلك على اعتبارهما في كلام الموصي والواقف، ولم يقولوا أن المتون وعبارات الفقهاء تنزل منزلة كلام الله وكلام رسوله ويؤخذ منها باللازم ولازم اللازم وتضرب الأحكام على العباد كافة باسم الشرع من هذا الطريق، كما ترى ذلك في كثير من كتب المتأخرين من فقهاء المذاهب حيث يعرضون لمسألة جديدة لم ينص عليها بذاتها أحد من المتقدمين فيستعرضون بعض كلام الفقهاء في أششباه تلك المسألة ويأخذون من عباراتهم باللازم والمفهوم، ويصبح ذلك حكما شرعيا لله تعالى في أعناق المكلفين. وكثير من شراح المتون الفقهية هذا دأبهم وقد لا تكون تلك المتون بلسان عربي مبين. وقد يخرجون بذلك عن قواعد المذاهب، بل وعن الأصول الفقهية، ونسوا أنهم إن كانوا مجتهدي مذهب أن واجبهم أن يبذلوا هذا الجهد في استعراض كتاب الله تعالى وصحيح السنة فيما يستجد من الأحكام ويأخذوا منهما على نحو ما أخذ إمامهم وعلى أصوله التي أسسها لهم، والله أعلم.