وفي صحيح البخاري من حديث عائشة قالت:"أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي يحنكه فبال عليه فأتبعه الماء".
وفي صحيح مسلم رحمه الله تعالى عنها قالت:"كان يؤتى بالصبيان فيبرك١ عليهم ويحنكهم فأتى بصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله". فهذا تصريح بأنه لم يغسله فيكون إتباعه الماء إما مجرد النضح كما وقع في الحديثين الآخرين أو مجرد صب الماء عليه من دون غسل.
وبالجملة فالتصريح منه صلى الله عليه وسلم بالقول بما هو الواجب في ذلك هو الأولى بالاتباع لكونه كلاما مع أمته فلا يعارضه ما وقع من فعله على فرض أنه مخالف للقول وقد ذهب إلى الاكتفاء بالنضح في بول الغلام لا الجارية جماعة منهم علي وأم سلمه والثوري والأوزاعي والنخعي وداود وابن وهب وعطاء والحسن والزهري وأحمد وإسحاق ومالك في رواية وهذا هو الحق الذي لا محيص عنه.
وذهب بعض أهل العلم وقد حكي عن مالك والشافعي والأوزاعي إلى أنه يكفي النضح فيهما وهذا فيه مخالفة لما وقع في هذه الأحاديث الصحيحة من التفرقة بين الغلام والجارية.
وذهبت الحنفية وسائر الكوفيين وهو محكى عن العترة إلى أنهما سواء في وجوب الغسل وهذا المذهب كالذي قبله في مخالفة الأدلة وقد استدل أهل هذا المذهب الثالث بالأدلة الواردة في نجاسة البول على العموم ولا يخفاك أنها مخصصة بالأدلة الخاصة المصرحة بالفرق بين بول الجارية والغلام وأما ما قيل من قياس بول الغلام على بول الجارية فلا يخفاك أنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد الاعتبار وقد شذ ابن حزم فقال: انه يرش من بول الذكر أي ذكر كان وهو إهمال للقيد المذكور سابقا بلفظ بول الغلام الرضيع ينضح والواجب حمل المطلق على المقيد.