وأما وجوب غسل الوجه فلا خلاف فيه في الجملة وقد قام عليه الدليل كتابا وسنة والمراد بالوجه ما يسمى وجها عند أهل الشرع واللغة وأما وجوب غسل اليدين فهو نص القرآن الكريم والسنة المطهرة ولا خلاف في ذلك وإنما وقع الخلاف في وجوب غسل المرفقين معمها ومما يدل على وجوب غسلهما جميعا حديث جابر عند الدراقطني والبيهقي "أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الماء على مرفقيه ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" وفي إسناده القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل وهو ضعيف.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه توضأ ثم غسل يديه حتى شرع في العضد ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وفي رواية للدارقطني من حديث عثمان "أنه غسل وجهه ويديه حتى مس أطراف العضدين".
وأخرج البزار والطبراني من حديث ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعا "ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه" وهذا بيان لما في القرآن فأفاد أن الغاية داخله فيما قبلها.
وأما وجوب مسح الرأس فلا خلاف فيه في الجملة وإنما وقع الخلاف هل المتعين مسح الكل أم يكفي البعض، وما في الكتاب العزيز قد وقع الخلاف في كونه يدل على مسح الكل أو البعض والسنة الصحيحة وردت بالبيان وفيها ما يدل على جواز الاقتصار على مسح البعض في بعض الحالات كما في صحيح مسلم وغيره من حديث المغيرة "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة" وأخرج أبو داود من حديث انس أنه صلى الله عليه وسلم أدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ولا يخفى أن قوله: تعالى {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ}[المائدة:٦] لا يفيد إيقاع المسح على جميع الرأس كما في نظائره من الأفعال نحو ضربت رأس زيد وضربت برأسه وضربت زيدا وضربت يد زيد فإنه يوجد المعنى اللغوي في جميع ذلك بوجود الضرب على جزء من الأجزاء المذكورة وهكذا ما في الآية وليس النزاع في مسمى الرأس لغة حتى يقال: أنه