قال:"نعم" قال: ابن عيينة فأنزل الله تعالى فيها: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}[الممتحنة:٨] وقد أخرج أحمد والطبراني من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشى حلة وأوقي من مسك ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة فإن ردت إلي فهي لك" وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي وثقه بن معين وغيره وضعفه جماعة والأحاديث في قبوله صلى الله عليه وسلم لهدايا الكفار كثيرة جدا.
وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن خزيمة وصححاه من حديث عياض بن حماد أنه أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم هدية أو ناقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أسلمت قال: لا قال: إني نهيت عن زبد المشركين" وأخرج موسى بن عقبة في المغازي عن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك أن عامر بن مالك الذي يقال له ملاعب الأسنة قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى له فقال: "إني لا أقبل هدية مشرك" قال: في الفتح ورجاله ثقات إلا أنه مرسل وقال: الخطابي يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخا وقيل إنما رد ذلك إليهم لقصد الإغاظة أو لئلا يميل إليهم ولا يجوز الميل إلى المشركين١، وأما قبوله لهدية من تقدم ذكره فهي لكونهم قد صاروا من أهل الكتاب وقيل إن الرد في حق من يريد بهديته التوود والمولاة والقبول في حق من يرجى لك تأنيسه وتأليفه ويمكن أن يكون النهي لمجرد الكراهة التي لا تنافي الحواز جمعا بين الأدلة وزبد المشركين هم بفتح الزاي وسكون الموحدة بعدها دال مهملة قال: في الفاتح هو الرفد انتهي.
وأما كونه يكره الرجوع فيها فلكون الهدية هي هبة لغة وشرعا وقد ورد في ذلك حديث ابن عباس عند البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالعائد يعود في قيئه" وهو في مسلم أيضا وفي لفظ للبخاري "ليس لنا مثل السوء" وأخرج أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن حبان،
١ أو ليحملهم بذلك على المسارعة إلى الإسلام اهـ. لمحرره.