والحاكم من حديث ابن عمر وابن عباس رفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الرجل يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب أكل أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع في قيئه" وقد دل قوله: لا يحل على تحريم الرجوع من غير نظر إلى التمثيل الذي وقع الخلاف فيه هل يدل على الكراهة أو على التحريم وقد ذهب إلى التحريم جمهور العلماء إلا هبة الوالد لولده كذا قال: في الفتح.
وأما كونها تجب التسوية بين الأولاد فلحديث جابر عند مسلم وغيره قال:"قالت امرأة بشير انحل ابنى غلاما وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي فقال: "له إخوة؟ " قال: نعم قال: "فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته"؟ قال: لا قال: "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على الحق" وفي لفظ لأحمد من حديث النعمان ابن بشير "لا تشهدني على جور وإن لبنيك عليك حق أن تعدل بينهم" وفي الصحيحين من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: له "أكل ولدك نحلته مثل هذا" فقال: لا فقال: " فأرجعه" وفي لفظ لمسلم من حديثه قال: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي في تلك الصدقة" وكذا البخاري ولكنه بلفظ العطية وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من حديثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم" وأخرج الطبراني والبيهقي وسعيد بن منصور من حديث ابن عباس بلفظ: "سووا يبن أولادكم في العطية ولو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء" وفي إسناده سعيد بن يوسف وفيه ضعف وقد حسن في الفتح إسناده وهذه الأحاديث تدل على وجوب التسوية وأن التفضيل باطل جور يجب على فاعله استرجاعه وبه قال: طاوس والثورى وأحمد وإسحاق وبعض المالكية وذهب الجمهور إلى أن التسوية مستحبة فقط وأجابوا عن الأحاديث بما لا ينبغي الالتفات إليه.
وأما كون الرد لغير مانع شرعي مكروه فلما قدمنا في أول البحث من الأدلة فإن كان ثم مانع شرعي من قبول الهدية لم يحل قبولها وذلك كالهدايا