وفي الباب غير ذلك وقد ذهب إلى ذلك أحمد بن حنبل والثورى والشافعية وذهب بعض أهل العلم إلى الكراهة فقط وظاهر النهي التحريم والعلة تغير لحمها ولبنها فإذا زالت العلة بمنعها عن ذلك حتى يزول الأثر فلا وجه للتحريم لأنها حلال بيقين إنما حرمت لمانع وقد زال.
ومن ذلك الكلاب ولا خلاف في ذلك يعتد به وهو مستخبث وقد وقع الأمر بقتله عموما وخصوصا وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل ثمنه كما تقدم وسيأتي وتقدم إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه وقد جعله بعضهم داخلا في ذوات الناب من السباع.
ومن ذلك الهر لحديث جابر عن أبي داود وابن ماجه والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها" وفي إسناده عمر بن يزيد الصنعاني وهو ضعيف لكن يشد من عضده ما ثبت من النهي عن أكل ثمن الكلب والسنور وهو في الصحيح وقد تقدم ولا فرق بين الوحشى والأهلى وللشافعية وجه في حل الوحشي.
ومن ذلك ما كان مستخبثا لقوله تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[لأعراف:١٥٧] فما استخبثه الناس من الحيوانات لا لعلة ولا لعدم اعتياد بل لمجرد الاستخباث فهو حرام وإن استخبثه البعض دون البعض كان الاعتبار بالأكثر كحشرات الأرض وكثير من الحيوانات التي ترك الناس أكلها ولم ينهض على تحريمها دليل يخصها فإن تركها لا يكون في الغالب إلا لكونها مستخبثة فتندرج تحت قوله: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وقد أخرج أبو داود عن ملقام بن تلب قال: "صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما" وقد قال: البيهقى إن إسناده غير قوي وقال: النسائي ينبغى أن يكون ملقام بن تلب ليس بالمشهور وهذا الحديث ليس فيه ما يخالف الآية وغايته عدم سماعه لشيء من النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يدل على العدم وقد أخرج ابن عدى والبيهقى من حديث ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الرخمة" وفي