للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل لأن الديون اللا زمة مستوية في استحقاق قضائها من مال المفلس وليس بعضها بأولى به من بعض إلا لمخصص ولا مخصص هنا وقد أشار إلى هذا ما تقدم في الرواية من قوله: "فصاحب المتاع أسوة الغرماء".

وأما كونه لا يجوز حبس المفلس إذا تبين إفلاسه فلأنه خلاف حكم الله سبحانه قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:٢٨٠] ولمفهوم قوله: صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد ظلم" وهو حديث صحيح قد تقدم في الباب الذي قبل هذا والمفلس ليس بواجد فلا يحل عرضه ولا عقوبته وأما إذا لم يتبين إفلاسه ولا كونه واجدا فهذا هو محل اللبس والواجب البحث عن حاله بحسب الإمكان حتى يتبين كونه واجدا فيعاقب بالحبس ونحوه كما دل عليه حديث "مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته" وفي لفظ "ليُّ الواجد ظلم" والكل في الصحيح أو يتبين كونه غير واجد فينظر إلى ميسرة وأما حبس من تبين إفلاسه فلا يجوز بوجه فإنه ظلم بحت.

وأما كونه يجوز للحاكم أن يحجر المفلس عن التصرف في ماله فلحجره صلى الله عليه وسلم على معاذ كما تقدم وكذا بيع الحاكم مال المفلس لقضاء دينه كما فعله صلى الله عليه وسلم في مال ومعاذ.

وأما جواز الحجر على المبذر ومن لا يحسن التصرف فلقوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء:٥] قال: في الكشاف السفاء المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا لهم بإصلاحها وتثميرها والتصرف فيها والخطاب للأولياء وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس ما يقوم به الناس معايشهم كما قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء:٢٩] {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:٢٥] والدليل على أنه خطاب للأولياء في أموال اليتامى قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء:٥] ومما يدل على عدم إنكاره صلى الله عليه وسلم على قرابة حسان لما سألوه أن يحجر عليه إن صح ذلك ويدل ذلك رده صلى الله عليه وسلم لبيضة التي تصدق بها من لا مال له كما أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة من حديث جابر وكذلك رده صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>