صدقة الرجل الذي تصدق بأحد ثوبيه كما أخرجه أهل السنن وصححه الترمذي وابن حبان من حديث أبي سعيد وكذلك رده صلى الله عليه وسلم عتق من أعتق عبدا له عن دبر ولا مال له غيره كما أشار إلى ذلك البخاري وترجم عليه باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام وأخرج الشافعي في مسنده والبيهقي عن عروة بن الزبير قال: ابتاع عبد الله بن جعفر بيعا فقال: علي رضي الله عنه لآتين عثمان فلأحجرن عليه فأعلم ذلك ابن جعفر الزبير فقال: أنا شريكك في بيعك فأتى عثمان رضي الله عنه فقال: احجر على هذا فقال: الزبير أنا شريكه فقال: عثمان أأحجر على رجل شريكه الزبير ففي هذه القصة دليل على أن الحجر كان عندهم أمرا معروفا ثابتا في الشريعة ولولا ذلك لأنكره بعض من اطلع على هذه القصة ولكان الجواب من عثمان على علي بان هذا غير جائز وكذلك الزبير وعبد الله بن جعفر لو كان مثل هذا الأمر غير جائز لكان لهما عن تلك الشركة مندوحة وقد ذهب إلى جواز الحجر على السفيه الجمهور.
وأما كونه لا يمكن اليتيم من ماله حتى يؤنس منه الرشد فلقوله تعالى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً}[النساء:٦] الآية.
وأما كونه يجوز لولي أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف فلقوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:٦] ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة أنها قالت: نزلت هذه الآية في ولي اليتيم إذا كان فقيرا أنه يأكل منه بالمعروف وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عمرو ابن شعيب عن أبي عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير وليس لي شيء ولي يتيم فقال: "كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل" والمراد بقوله: "ولا مبادر" ما في قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا}[النساء:٦] أي مسرفين ومبادرين كبر الأيتام فهذه الآية والحديث مخصصان لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}[النساء:١٠] .