وأما كونه لا يجوز له الحكم في حال الغضب فلحديث أبي بكرة في الصحيحين وغيرهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان" ولا يعارض هذا حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه في الصحيحين وغيرهما أنه اختصم هو وأنصاري فقال: النبي صلى الله عليه وسلم للزبير اسق يا زبير ثم ارسل الماء إلى أخيك فغضب الأنصاري ثم قال: يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم في غضبه ورضاه بخلاف غيره فإن الغضب يحول بينه وبين الحق وظاهر النهي التحريم وقد ذهب الجمهور إلى أنه يصح حكم الغضبان إن وافق الحق.
وأما كونها تجب عليه التسوية إلا إذا كان أحدهما كافرا فلحديث علي عند أبي أحمد الحاكم في الكنى أنه جلس بجنب شريح في خصومة له مع يهودي فقال: لو كان خصمي مسلما جلست معه بين يديك ولكنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تساووهم في المجالس" وقد قال: أبو أحمد الحاكم بعد إخراجه أنه منكر وأورده ابن الجوزي في العلل من هذا الوجه وقال: لا يصح ورواه البيهقي من وجه آخر من طرق جابر الجعفي عن الشعبي قال: خرج على السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا فعرف علي الدرع وذكر الحديث وفي إسناده عمرو بن سمرة عن جابر الجعفي وهما ضعيفان وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن الزبير قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم وفي إسناده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير وهو ضعيف.
وأما كونه يجب السماع منهما قبل القضاء فلحديث علي عند أحمد وأبي داود والترمذي وحسنة وابن حبان وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء" وللحديث طرق.