رأيهم وقال الحاكم: قد شهد عمر ابن عبد العزيز وإمام عصره الزهري بالصحة لهذا الكتاب ومما استدل به على ذلك ما في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا؟ فلان أو فلان حتى سمى اليهودي فأومأت برأسها فجىء به فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بين حجرين وقد استوفيت الحديث في شرح المنتقى وإلى ذلك ذهب الجمهور واختلفوا هل تتوفى ورثة الرجل من ورثة المرأة نصف الدية أم لا؟ وقد حكى ابن المنذر الإجماع على قتل الرجل بالمرأة إلا رواية عن علي والحسن وعطاء ورواه البخاري عن أهل العلم هذا في قتل الرجل بالمرأة وأما قتل المرأة بالرجل فالأمر واضح وهكذا قتل العبد بالحر والكافر بالمسلم والفرع بالأصل وليس في ذلك خلاف.
وأما العكس من هذه الصور الثلاث فقد قيل إنه يقتل الحر بالعبد وهو يحكى عن الحنفية وسعيد بن المسيب والشعبي والنخعي وقتادة والثوري هذا إذا كان العبد مملوكا لغير القاتل وأما إذا كان مملوكا له فقد حكي في البحر الإجماع على أنه لا يقتل السيد بعبده إلا عن النخعي وهكذا حكى الخلاف عن النخعي وبعض التابعين الترمذي واستدل المثبتون بما أخرجه أحمد وأهل السنن وحسنه الترمذي من حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه" وفي إسناده ضعف لأنه من رواية الحسن عن سمرة وفي سماعه منه خلاف مشهور واستدل المانعون بقوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}[البقرة:١٧٨] وفي الاستدلال لآية إشكال كالإشكال الذي في استدلال من استدل بقوله: تعالى النفس بالنفس واستدلوا أيضا بما أخرجه الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به وأمره أن يعتق رقبة وفي إسناده إسماعيل بن عياش ولكنه رواه عن الأوزاعي وهو شامي وإسماعيل قوى في الشاميين وفي إسناده أيضا محمد بن عبد العزيز الشامي وهو ضعيف.