وأما الصبي فقال: ابن المنذر أجمع أول العلم على أمان الصبي غير جائز انتهى وأما المجنون فلا يصح أمانه بلا خلاف.
وأما كون الرسول كالمؤمن فلحديث ابن مسعود عند أحمد وأبي داود والنسائي والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لرسولي مسيلمة "لو كنت قاتلا رسولا لقتلتكما" وأخرج أحمد وأبو داود من حديث نعيم بن مسعود الأشجعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: "والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما" وقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي رافع لما بعثته قريش إليه: فقال: يا رسول الله لا أرجع إليهم فقال: له رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد ولكن ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن يعني الإسلام فارجع".
وأما كونه تجوز مهادنة الكفار ولو بشرط وإلى أجل أكثره عشر سنين فلحديث أنس عند مسلم رحمه الله وغيره أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فاشترطوا عليه أن من جاء منكم لا نرده عليكم ومن جاء منا رددتموه علينا فقالوا: يا رسول الله أتكتب هذا قال: "نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا" وهو في البخاري وغيره من حديث المسور بن مخرمة ومروان مطولا وفيه أن مدة الصلح بينه صلى الله عليه وسلم وبين قريش عشر سنين وقد اختلف أهل العلم في جواز مصالحة الكفار على رد من جاء منهم مسلما وفعله صلى الله عليه وسلم يدل على جواز ذلك ولم يثبت ما يقتضي نسخه.
وأما قدر مدة الصلح فذهب الجمهور إلى أنه يجوز أن يكون أكثر من عشر سنين لأن الله سبحانه قد أمرنا بمقاتلة الكفارفي كتابه العزيز فلا يجوز مصالحتهم بدون شيء من جزية أو نحوها ولكنه لما وقع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم كان دليلا على الجواز إلى المدة التي وقع عليها الصلح ولا تجوز الزيادة عليها رجوعا إلى الأصل وهو وجوب مقاتلة الكفار ومناجزتهم الحرب وقد قيل أنها لا تجوز مجاوزة أربع سنين وقيل ثلاثة سنين ولا تجوز مجاوزة سنتين.