وأما كونه يجوز تأييد المهادنة بالجزية فلما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بدعاء الكفار إلى ثلاث خصال منها الجزية وحديث عمرو بن عوف الأنصاري في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء ابن الحضرمي وأخرج أبو عبيدة عن الزهري مرسلا قال: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوسا وأخرج أبوداود من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالدا إلى أكيدر دومة فأخده فأتوا به فحقن دمه وصالحه على الجزية وأخرج أبو عبيد في كتاب الأموال عن الزهري أن أول من أعطى الجزية أهل نجران وكانوا نصارى وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم على أهل اليمن على كل حالم دينارا كل سنة أو قيمته من المعافر يعني أهل الذمة منهم رواه الشافعي في مسنده عن عمر بن عبد العزيز وهو ثابت في حديث معاذ المشهور عند أبي داود وأخرج البخاري وغيره من حديث المغيرة ابن شعبة أنه قال: لعامل كسرى أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية وأخرج البخاري عن ابن أبي نجيح قال: قلت لمجاهد ماشأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار قال: جعل ذلك من قبيل اليسار وقد وقع الإتفاق على أنها تقبل الجزية من كفار العجم من اليهود والنصارى والمجوس وقال: مالك والأوزعي وفقهاء الشام أنها أقبل من جميع الكفار من العرب وغيرهم وقال: الشافعي بأن الجزية تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلحق بهم المجوس في ذلك وقد استدل من لم يجوز أخذها إلا من العجم فقط بما وقع في حديث ابن عباس عند أحمد والترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش: "أنه يريد منهم كلمه تدين لهم بها العرب وتؤدى إليهم بها العجم الجزية يعني كلمة الشهادة" وليس هذا مما ينفي أخذ الجزية من العرب ولا سيما مع قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سليمان ابن بريدة المتقدم: "وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال" وفيها الجزية.
وأما كونه يمنع المشركون وأهل الذمة من السكون ي حزيرة العرب