للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى بلفظ "من توضأ فأحسن وضوءه ثم أتي الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام " وبحديث سمره "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ للجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فذلك أفضل" أخرجه أحمد وأبوداود والنسائي والترمذي وفيه مقال: مشهور وهو عدم سماع الحسن من سمره وغير ذلك من الأحاديث قالوا: وهي صارفة للأمر إلى الندب ولكنه إذا كان ما ذكروه صالحا لصرف الأمر فهو لا يصلح لصرف مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وقد استوفيت الكلام على حكم غسل الجمعة في شرح المنتقى١ فليرجع إليه. ولا يخفى أن تقييد الغسل


١والذي عول عليه الشارح هنالك أن الأحاديث الدالة على الوجوب أرجح من الدالة على عدم الوجوب، كالذي في حديث سمرة قوله: "فالغسل أفضل" وحديث "من توضأ فأحسن الوضوء" وحديث عمر رضي الله عنه في استنكاره عدم الغسل من عثمان رضي الله عنه بدون أن يأمره به. ونقل الشارح هنالك عن ابن دقيق العيد أنه إنما يصار إلى تأويل أحاديث الوجوب عند رجحان المعارض في الدلالة على هذا الظاهر. إلخ. كلامه.
وقد يقال عليه: أما رجحانه في الدلالة على عدم الوجوب، فهو ثابت لتصريحه فيه بأنه أفضل فقط، وليس بواجب، وهو لا يحتمل غير ذلك، بخلاف الأوامر فهي تحتمل الاستحباب، والمصرح فيها بالوجوب وبالحق، تحتمل تأكد الاستحباب والمبالغة في أنه كالواجب، كقولك: حقك علي واجب، والعدة عندي دين.
وأما الرجحان في السند، فمسلم فيها، ولكن إذا صح فلا يسقط، ويصار إلى الأرجح سندا إلا مع عدم إمكان الجمع، وهو هنا ممكن بالحمل، على تأكد الاستحباب. ولذا قرن معه ما ليس بواجب اتفاقا، وهو السواك، وأن يمس من الطيب.
قال في المنتقى: وهذا يدل على أنه أراد بلفظ الوجوب تأكد استحبابه بدليل أنه قرنه بما ليس بواجب إلخ. ودفعه الشارح بأنه قد تقرر ضعف دلالة الاقتران، ويقال عليه: ضعفها إنما هو في غير ما اجتمعا عليه في الحكم بسبب العطف. وأما ما نحن فيه، فقد عرف أنهما اجتمعا في حكم الوجوب فيما ذكر على كل محتلم، فإذا خرج أحدهما عن الوجوب لزم خروج الآخر عنه. والله أعلم وقد ذكر نحوه ابن دقيق العيد في حديث "الفطرة خمس" من خط سيدي العلامة الحسن بن يحيى الكبسي قدس الله روحه ونور ضريحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>