الصحيحة إيجاب الغسل لكل صلاة ولا لكل صلاتين ولا في كل يوم بل الذي صح إيجاب الغسل عند انقضاء وقت حيضها المعتاد أو عند انقضاء ما يقوم مقام العادة من التمييز بالقرائن كما في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما بلفظ "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي" وأما ما في صحيح مسلم رحمه الله تعالى "أن أم حبيبة كانت تغتسل لكل صلاة" فلا حجة في ذلك لأنها فعلته من جهة نفسها ولم يأمرها صلى الله عليه وسلم بذلك بل قال لها: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي" فإن ظاهر هذه العبارة أنها تغتسل بعد المكث قدر ما كانت تحبسها الحيضة وذلك هو الغسل الكائن عند إدبار الحيضة وليس فيه ما يدل على أنها تغتسل لكل صلاة وقد ورد الغسل لكل صلاة من طرق لا تقوم بمثلها الحجة ولاسيما مع معارضتها لما ثبت في الصحيح ومع ما في ذلك من المشقة العظمية على النساء الناقصات العقول والأديان والشريعة سمحة سهلة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج:٧٨]{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦] وأما كون الحائض لا تصلي ولا تصوم فلما ورد في ذلك من الأدلة الصحيحة كحديث "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم" وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد وهو مجمع عليه.
وأما كونها لا توطأ فذلك نص الكتاب العزيز قال الله تعالى:{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة:٢٢٢] والأحاديث في ذلك كثيرة منها قوله: صلى الله عليه وسلم "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" وهو في الصحيح وهو مجمع على تحريم ذلك ليس فيه خلاف وتحريم الصلاة والصوم على الحائض وكذلك وطؤها هو إلى غاية هي الغسل بعد الطهر كما صرحت بذلك الأدلة.
وأما كونها تقضي الصيام فلحديث عائشة بلفظ:"فنؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة" وهو في الصحيحين وغيرهما. وقد نقل ابن المنذر والنووي وغيرهما إجماع المسلمين على ذلك وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج