للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلبتُ لهم ظهرَ المجنِّ وليتني ... عفوتُ بفضلٍ من يدي ولساني

بني عمنا إنا كما قد علمتمُ ... أولو خشنةٍ مخشيةٍ وزبانِ

على أنني لم أرمِ في الشعرِ مسلماً ... ولم أهجُ إلاَّ من رمى وهجاني

همُ بطروا الحلمَ الذي من سجيتي ... فبدلتُ قومي شدةً بليانِ

فلو شئتمُ أولادَ وهبٍ نزعتمُ ... ونحنُ جميعاً شملنا أخوانِ

نهيتُ أخاكم عن هجائي وقد مضى ... لهُ بعدَ حولٍ كاملٍ سنتانِ

فمنَّ ومناهم رجالٌ رأيتهم ... إذا ضارسوني يكرهونَ قراني

وكنتُ امرأً يأبى لي الضيمَ أنني ... صرومٌ إذا الأمر المهمُّ عناني

وصولٌ صرومٌ لا أقولُ لمدبرٍ ... هلمَّ إذا ما اغتشني وعصاني

خليليَّ لو كنتُ امرأً فيَّ سقطةٌ ... تضعضعتُ أو زلت بي القدمانِ

أعيشُ على بغيِ العداةِ ورغمهم ... وآتي الذي أهوى على الشنآنِ

ولكنني ثبتُ المريرةِ حازمٌ ... إذا صاح حلابي ملأتُ عناني

خليليَّ كم من كاشحٍ قد رميتهُ ... بقافيةٍ مشهورةٍ ورماني

فكانَ كذاتِ الحيضِ لم تبقِ ماءها ... ولم تنقِ عنها غسلها لأوانِ

تشمتُ للأعداءِ حين بدا لهم ... من الشرِّ داني الوبلِ ذو نفيانِ

فهابوا وقاعي كالذي هابَ خادراً ... شتيمَ المحيا خطوهُ متداني

تشبهُ عينيهِ إذا ما فجئتهُ ... سراجينَ في ديجورةٍ تقدانِ

كأنَّ ذراعيهِ وبلدةَ نحرهِ ... خضبنَ بحناءٍ فهنَّ قواني

عفرناً يضمُّ القرنَ منهُ بساعدٍ ... إلى كاهلٍ عاري القرا ولبانِ

أزبُّ هربتُ الشدقِ وردٌ كأنما ... يعلى أعالي لونه بدهانِ

مضاعفُ لونُ الساعدين مضبرٌ ... هموسُ دجى الظلماءِ غيرُ جبانِ

أبا خالدٍ حنت إليك مطيتي ... على بعدِ منتابٍ وهولِ جنانِ

كأنَّ ذراعيها إذا ما تذيلت ... يدا ماهرٍ في الماءِ يغتليانِ

إذا رعتها في سيرةٍ أو بعثتها ... عدت بي ونسعا ضفرها قلقانِ

جماليةٌ مثلُ الفنيقِ كأنما ... يصيحُ بفلقي رأسها صديانِ

أبا خالدٍ في الأرضِ نأيٌ ومفسحٌ ... لذي مرةٍ يرمى بهِ الرجوانِ

فكيفَ ينامُ الليلَ حرٌّ عطاؤهُ ... ثلاثٌ لرأسِ الحولِ أو مئتانِ

تناهت قلوصي بعد إسآدي السرى ... إلى ملكٍ جزلِ العطاءِ هجانِ

ترى الناسَ أفواجاً ينوبونَ بابهُ ... لبكرٍ من الحاجاتٍ أو لعوانِ

وقال المتوكل أيضاً:

نامَ الخليُّ فنومُ العينِ تسهيدُ ... والقلبُ مختبلٌ بالخودِ معمودُ

إن ساعفت دارها ضنت بنائلها ... وسقيها الصاديَ الحرانَ تصريدُ

شطت نواها وحانت غربةٌ قذفٌ ... وذكرُ ما قد مضى بالمرءِ تفنيدُ

إذ تستبيكَ بميالٍ لهُ حبكٌ ... وواضحٍ زانهُ اللباتُ والجيدُ

وذي طرائقَ لم تحمل بهِ ولداً ... فالكشحُ مضطمرٌ ريانُ ممسودُ

كأنَّ أردافها دعصٌ برابيةٍ ... مستهدفٌ نخلتهُ الريحُ منضودُ

خودٌ خدلجةٌ نضحُ العبيرِ بها ... يشفي مضاجعها لبسٌ وتجريدُ

لما رأت أنني لا بدَّ منطلقٌ ... وللفتى أجلٌ قد خطَّ معدودُ

قامت تكرهني غزوي وتخبرني ... أن سوفَ يخلدني روعٌ وتبليدُ

هل المنيةُ إلاَّ طالبٌ ظفرٌ ... وحوضها منهلٌ لا بدَّ مورودُ

والناسُ شتى فمهديٌ نقيبتهُ ... وجائرٌ عن سبيلِ الحقِّ محدودُ

وذو نوالٍ إذا ما جئتَ تسألهُ ... شيئاً ومستكثرٌ بالخيرِ موجودُ

والخيرُ والشرُّ إما كنتِ سائلتي ... شتى معاً وكذاكَ البخلُ والجودُ

إني امرؤٌ أعرفُ المعروفَ ذو حسبٍ ... سمحٌ إذا حاردَ الكومُ المرافيدُ

أجري على سنةٍ من والدي سبقت ... وفي أرومته ما ينبتُ العودُ

مطلبٌ بتراتٍ غيرِ مدركةٍ ... محسدٌ والفتى ذو اللبِّ محسودُ

عندي لصالحِ قومي ما بقيتُ لهم ... حمدٌ وذمٌّ لأهلِ الذمِّ معدودُ

أعيت صفاتي على من يبتغي عنتي ... فما يوهنُ متنيها الجلاميدُ

كم قد هجانيَ من مستقتلٍ حمقٍ ... فيهِ إذا هزَّ عندَ الحقِّ تغريدُ

جانٍ على قومهِ بادٍ مقاتلهُ ... كالعيرِ أحزنهُ دجنٌ وتقييدُ

<<  <   >  >>