للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد كانَ في حججٍ مضينَ لعاشقٍ ... طلبٌ لغانيةٍ وطولُ مطالِ

أسئمتِ وصلي أم نسيتِ مودتي ... إياكِ في حججٍ مضينَ خوالِ

إلاَّ يكن ودي يغيرهُ البلى ... والنأيُ عنكِ فإنَّ ودكِ بالي

منيتني أمنيةً فتركتها ... وركبتِ حالاً فانصرفتُ لحالي

يا صاحبيَّ قفا على الأطلالِ ... أسلِ الديارَ ولا تردُّ سؤالي

عن أهلها إني أراها بدلت ... بقرَ الصريمةِ بعدَ حيِّ حلالِ

قد كنتُ أحسبُ فيما مضى ... من يسلُ أو يصبر فلستُ بسالي

تمشي الرئالُ بها خلاءً حولها ... ولقد أراها غير ذاتِ رئالِ

فسقى مساكنَ أهلها حيثُ انتوت ... صوبُ الغمامِ بواكفٍ هطالِ

ردَّ الخليطُ جمالهم فتحملوا ... للبينِ بعدَ الفجرِ والآصالِ

وحدا ظعائنهم أجشُّ مشمرٌ ... ذو نيقةٍ في السيرِ والتنزالِ

رفعوا الخدورَ على نجايبَ جلةٍ ... من كلِّ أغلبَ بازلٍ ذيالِ

متدافعٍ بالحملِ غيرَ مواكلٍ ... شهمٍ إذا استعجلته شملالِ

يرمي بعينيهِ الغيوبَ مفتلٍ ... رحبِ الفروجِ عذافرٍ مرقالِ

طرقت حبيبةُ وهي فيهم موهناً ... إنَّ المحبَّ مخالطُ الأهوالِ

فاشتقتُ والرجلُ المحبُّ مشوقٌ ... وجرى دموعُ العينِ في السربالِ

لم تسرِ ليلتها حبيبةُ إذ سرت ... إلا لتشغفنا بطيفٍ خيالِ

أنى اهتديتِ لفتيةٍ غبَّ السرى ... قد خفَّ حلمهمُ مع الإرمالِ

متوسدي أيدي نواعجَ ضمرٍ ... متضمناتِ سآمةٍ وكلالِ

وضعوا رحالهم بخرقٍ مجهلٍ ... قمنٍ مطالعهُ من الإيغالِ

ترمي خيامهمُ شمالٌ زعزعٌ ... وتطيرُ بينَ سوافلٍ وعوالِ

من كلِّ ممهولِ اللبانِ مقلصٍ ... ذي رونقٍ يعلو القيادَ طوالِ

يرقى ويطعنُ في العنانِ إذا انتهى ... منهُ الحميمُ وهمَّ بالإسهالِ

لأياً بلأيٍ ما ينالُ غلامنا ... منهُ مكانَ معذرٍ وقذالِ

في ضمرٍ لم يبقِ طولُ قيادنا ... منهنَّ غيرَ جناجنٍ ومحالِ

يردينَ في غلسِ الظلامِ عوابساً ... صعرَ الخدودِ تكدسَ الأوعالِ

ويرينَ من خللِ الغبارِ إذا دعا ... داعي الصباحِ كأنهنَّ مغاليِ

والمشرفيةُ كلُّ أبيضَ باترٍ ... منها وآخرُ مخلصٍ بصقالِ

إذ لا ترى إلاَّ كمياً مسنداً ... تحتَ العجاجِ ملحبِ الأوصالِ

والخيلُ عقرى بين ذاكَ كأنما ... بنحورها نضحٌ من الجريالِ

للطيرِ منها والسباعِ ذخيرةٌ ... في كلِّ معتركٍ لها ومجالِ

تدني رجالاً من مواطنَ عندها ... أجرٌ ومنقطعٌ من الآجالِ

وقال المتوكل أيضاً:

خليليَّ عوجا اليومَ وانتظراني ... فإنَّ الهوى والهمَّ أمُّ أبانِ

هيَ الشمسُ تدنو لي قريباً بعيدها ... أرى الشمسَ ما أسطيعها وتراني

نأت بعدَ قربٍ دارها وتبدلت ... بنا بدلاً والدهرُ ذو حدثانِ

فهاجَ الهوى والشوقُ لي ذكرَ حرةٍ ... من المرجحناتِ الثقالِ حصانِ

شموسُ وشاحاها إذا ابتزَّ ثوبها ... على متنِ خمصانيةِ سلسانِ

رقودُ الضحى ريا العظامِ كأنها ... مهاةُ كناسٍ من نعاجِ قطانِ

شديدةُ إشراقِ التراقي أسيلةٌ ... عليها رقيباً مربإٍ حذرانِ

ومن دونها صعبُ المراقي مشيدٌ ... نيافٌ وصرارانِ مؤتلفانِ

خليليَّ ما لامَ امرأً مثلُ نفسهِ ... إذا هيَ لامت فاربعا وذراني

سبتني بجيدٍ لم يعطل ولبةٍ ... عليها ردافا لؤلؤُ وجمانِ

وأسحمَ مجاجِ الدهانِ كأنهُ ... بأيدي النساءِ الماشطاتِ مثاني

جرى ليَ طيرٌ أنني لم أنالها ... وإنَّ الهوى والنجرَ مختلفانِ

فعزيتُ قلباً كان صباً إلى الصبا ... وعديتُ والعينانِ تبتدرانِ

بأربعةٍ في فضلِ بردي ومحملي ... كما انهلَّ غربا شنةٍ خضلانِ

خليليَّ غضا اللومَ عني إنني ... على العهدِ لا مخنٍ ولا متوانِ

ستعلمُ قومي أنني كنتُ سورةً ... من العزِّ إن داعي المنون دعاني

ألا ربَّ مسرورٍ بموتي لو أتى ... وأخرَ لو أنعى لهُ لبكاني

ندمتُ على شتمِ العشيرةِ بعدما ... تغنى عراقيٌّ بهم ويماني

<<  <   >  >>