للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن يتتبّع جاهداً كلَّ عثرةٍ ... يجدها ولا يسلمْ لهُ الدّهرَ صاحبُ

فلا تأمنيهِ أن يسرَّ شماتةً ... فيظهرُها إنْ أعقبتْهُ العواقبُ

كأنْ لم أقل واللّيلُ ناجٍ بريدُهُ ... وقد غالَ أميالَ الفجاجِ الرَّكائبُ

خليليَّ حثّا العيسَ نصبِحْ وقدْ بدتْ ... لنا من جبالِ الرّامتينِ مناكبُ

فو الله ما أدري أآتٍ على قلىً ... وبادِي هوانٍ منكمُ ومغاضبُ

سأملكُ نفسي عنكمُ إنْ ملكتُها ... وهلْ أغلبَنْ إلاَّ الذي أنا غالبُ

حليلةُ قذّافِ الدّيارِ كأنّهُ ... إذا ما تدانينا منَ الجيشِ هاربُ

إذا ما رأنِي بارِزاً حالَ دونَها ... بمخبطةٍ يا حسنَ من هو ضاربُ

ولو تنقبُ الأضلاعُ أُلفيَ تحتَها ... لسعدَى بأوساط الفؤادِ مطاربُ

بها نعمٌ من ماثلِ الحبِّ واضحٌ ... بمجتمع الأشراجِ ناءٍ وقاربُ

تضمَّنَ داءً منذُ عشرينَ حجَّةُ ... لكم ما تسليِّهِ السّنُونَ الكواذِبُ

وقال كثير:

عفا السَّفحُ من أمِّ الوليدِ فكبكبُ ... فنعمانُ وحشٌ فالرَّكيُّ المثقَّبُ

خلاءٌ إلى الأحواضِ عافٍ وقدْ يرَى ... سوامٌ بها فيه مراحٌ ومعزَبُ

على أنَّ بالأقوازِ أطلالَ دمنةٍ ... تجدُّ بها هوجُ الرِّياحِ وتلعَبُ

لعزَّةَ إذْ حبلُ المودَّةِ دائمٌ ... وإذ أنتَ متبولٌ بعزَّةَ معجَبُ

وإذ لا ترى في النّاسِ شيئاً يفوقُها ... وفيهنَّ حسنٌ لو تأمّلتِ مجنبُ

هضيمُ الحشا رودُ المطا بختريَّةٌ ... جميلٌ عليها الأتحميُّ المنشَّبُ

هي الحرَّةٌ الدَّلُّ الحصانُ ورهطُها ... إذا ذكرَ الحيُّ الصَّريحُ المهذّبُ

رأيتُ وأصحابي بأيلةَ موهِناً ... وقدْ لاحَ نجمُ الفرقدِ المتصوِّبُ

لعزَّةَ ناراً ما تبوخُ كأنَّها ... إذا ما رمقناها من البعُدِ كوكبُ

تعجَّبَ أصحابي لها حينَ أوقدَتْ ... وللمصطلُوها آخرَ اللّيلِ أعجَبُ

إذا ما خبتْ من آخرِ اللّيلِ خبوَةً ... أعيدَ لها بالمندَليِّ فتثقبُ

وقفنا فشبَّتْ شبَّةً فبدا لنا ... بأهضامِ واديها أراكٌ وتنضُبُ

ومنْ دونِ حيثُ استوقدَتْ منْ مجالخ ... مراحٌ ومغدىً للمطِيِّ وسبسبُ

أتتنا بريّاها وللعيسِ تحتنا ... وجيفٌ بصحراءِ الرّسيسِ مهذّبُ

جنوبٌ تسامي أوجُهَ الرّكبِ مسّها ... لذيذٌ ومسراها منَ الأرضِ طيّبُ

فيا طولَ ما شوقي إذا حالَ دونَها ... بصاقٌ ومن أعلام صندِدَ منكِبُ

كأنْ لم يوافقْ حجَّ عزَّةَ حجُّنا ... ولم يلقَ ركباً بالمحصَبَّ أركُبُ

حلفتُ لها بالرَاقصاتِ إلى منىً ... تغدُّ السّرَى كلبٌ بهنَّ وتغلِبُ

وربِّ الجيادِ السّابحاتِ عشيَّةً ... مع العصرِ إذ مرّتْ على الحبلِ تلحَبُ

لعزّةَ همُّ النَّفسِ منهنَّ لو ترَى ... إليها سبيلاً أو تلمُّ فتصقبُ

ألامُ على أمِّ الوليدِ وحبُّها ... جوىً داخلٌ تحتَ الشَّراسيفِ ملهبُ

ولو بذلتْ أمُّ الوليدِ حديثَها ... لعصمٍ برضوَى أصبحَتْ تتقرَّبُ

تهبَّطنَ من أكنافِ ضأسَ وأيلةٍ ... علينا ولو أغرَى بهنَّ المكلّبُ

تلعَّبُ بالعزهاةِ لم يدرِ ما الصّبا ... وييأسُ من أمِّ الوليدِ المجرِّبُ

ألا ليتنا يا عزَّ كنّا لذي غنىً ... بعيرين نرعى في الخلاء ونعزبُ

كلانا به عرٌّ فمن يرنا يقلْ ... على حسنِها جرباءَ تعدِي وأجربُ

إذا ما وردنا منهلاً صاحَ أهلُهُ ... علينا فما ننفكُّ نرمَي ونضرَبُ

نكونُ بعيريْ ذي غنىً فيضعُنا ... فلا هوَ يرعانا ولا نحنُ نطلبُ

يطرّدُنا الرِّعيانُ عنْ كلَّ تلعةٍ ... ويمنعُ منّا أنْ نرَى فيهِ نشرَبُ

وددتُّ وبيتِ اللهِ أنَّكِ بكرَةٌ ... هجانٌ وأنِّي مصعبٌ ثمَّ نهربُ

وقال كثير:

ألا طرقتْ بعدَ العشاءِ جنوبُ ... وذلكَ منها إنْ عجبتَ عجيبُ

تسدَّتْ ومرٌّ دونَنا وأراكُهُ ... ودونانُ أمسَى دونَها ونقيبُ

ونحنُ ببطحاءِ الحجُونِ كأنّنا ... مراضٌ لهمْ وسطَ الرّحالِ نحيبُ

<<  <   >  >>