للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقولُ وقدْ جدَّ من بينهمِ ... غداةَ إذٍ عاجلٌ موفدُ

ألستَ مشيّعنا ليلةً ... فتقضِي اللّبانةَ أو تعهدُ

فقلتُ بلَى قلَّ لِي عندَكمْ ... كلالُ المطِيِّ إذا تجهَدُ

فعودِي إليها فقولي لها ... مساءَ غدٍ لكمُ الموعِدْ

وآيةُ ذلكَ أنْ تسمعِي ... إذا جاءكُمُ ناشدٌ ينشدُ

فرُحنا سراعاً وراحَ الهوَى ... دليلاً إليكُمْ بنا يقصدُ

فلمّا دنوْنا ... لجرسِ النُّباحِ وللضوْءِ والحيُّ لم يرقدُوا

نأينا عنِ الحيِّ حتّى إذا ... تودَّعَ من نارِها الموقِدُ

بعثْنا لنا باغياً ناشداً ... وفي الحيِّ بغيةُ من أنشدُ

فقامتْ فقلتُ بدتْ صورةٌ ... من الشَّمسَ شيَّعَها الأسعدُ

فجاءتْ تهادَى على رقبَةٍ ... منَ والخوفِ أحشاؤُها ترعدُ

تقولُ وتظهِرُ وجداً بنا ... ووجدِي ولوْ أظهرتُ أوجدُ

ألا منْ شقائي تعلّقتُكُمْ ... وقدْ كانَ لي عنكُمُ مقعدُ

وكفَّتْ سوابقَ من عبرَةٍ ... على الخدِّ جالَ بها إثمدُ

عراقيَّةٌ وتهامِي الهَوى ... يغورُ بمكّةَ أو ينجدُ

وقال عمر أيضاً:

أفي رسمِ دارٍ أنتَ واقفُ ... بقاعٍ تعفَّتْهً الرِّياحُ العواصفِ

بما حازتِ الشَّعباءُ فالخيمَةُ التي ... قفا محرضٍ كأنَّهنَّ صحائفُ

سحا تُربَها أرواحُها فكأنَّما ... أحالَ عليها بالرَّغامِ النَّواسِف

وقفتُ بها لا منْ أسائلُ ناطقٌ ... ولا أنا إذْ لمْ ينطقِ الرَّسمَ صارفُ

ولا أنا عمَّنَ يألفُ الرَّبعَ ذاهلٌ ... ولا التَّبلُ مردودٌ ولا القلبُ عازفُ

ولا أنا ناسٍ مجلِساً زارَنا بهِ ... عشاءً ثلاثٌ كاعبانِ وناصفُ

أسيلاتُ أبدانٍ دقاقٌ خصورُها ... وثيراتُ ما التفّتْ عليهِ الملاحفُ

إذا قمنَ أو حاولنَ مشياً تأطُّراً ... إلى حاجةٍ مالتْ بهنَّ الرَّوادفُ

نواعمُ ما يدرِينَ ما عيشُ شقوةٍ ... ولا هنَّ نمّاتُ الحديثِ زعانفُ

إذا مسّهنَّ الرَّشحُ أو ساقطَ النَّدَى ... تضوَّعَ بالمسكِ السَّحيقِ المشارفُ

يقلنَ إذا ما كوكبٌ غارَ ليتَهُ ... بحيثُ رأيناهُ عشاءً يخالفُ

لثنا بهِ ليلَ التّمامِ بلذَّةٍ نعمناهُ ... حتَّى جلا الصّبحَ كاشفُ

فلمّا هممنا بالتفرُّقِ أعجلتْ بقايا ... اللّباناتِ الدُّموعُ الذّوارفُ

وأصعدنَ في وعثِ الكثيبِ تأوُّداً ... كما اجتازَ في الوحلِ النّعاجُ الخوارفُ

فأتبعتُهنَّ الطَّرفَ متَّبلَ الهَوى ... كأنّي يعانيني من الجنِّ طائفُ

تعفّي على الآثارِ أنْ تعرفَ الخُطا ... ذيولَ الثّيابِ يمنةٌ ومطارفُ

دعاهُ إلى هندٍ تصابٍ ونظرةٌ ... تدلِّي إلى أشياءَ فيها متالفُ

سبتْهُ بوحفٍ في العقاصِ كأنَّهُ ... عناقيدُ دلاَّها من الكرمِ قاطفُ

وجيدِ خذولٍ بالصَّريمةِ مغزلٍ ... ووجهٍ حمِيِّ أضرعتهُ المخاوِفُ

فكلُّ الذي قدْ قلتِ يومَ لقيتُكُمْ ... على حذرِ الأعداءِ للقلبِ شاعفُ

وحبُّكِ داءٌ للفؤادِ مهيِّجٌ ... سقاماً إذا ناحَ الحمامُ الهواتِفُ

ونشرُكِ شافٍ للذِي بي منَ الجَوى ... وذكركِ ملتذٌّ على النَّومْ طارفُ

وقربُكِ إنْ قاربتِ للشَّملِ جامعٌ ... وإنْ بنتِ يوماً بانَ منْ أنا آلفُ

وإن راجعتْهُ في التَّرسُّلِ لم يزلْ ... له من أعاجيب الحديثِ طرائفُ

فإنْ عاتبتُهُ مرَّةً كانَ قلبُهُ ... لها ضلعُهُ حتّى تعودَ العواطفُ

فكلُّ الذي قدْ قلتِ قدْ كانَ ذكرهُ ... على القلبِ قرْحاً ينكأ القرحَ قارفُ

بصيرٌ بممشاها وإنْ كانَ بينَنا ... وبينَهمُ بعدَ المحلِّ تنائفُ

أثيبي ابنة المكنِيِّ عنهُ بغيرهِ ... وعنكِ سقاكِ الغادياتُ الرَّوادِفُ

على أنَّها قالتْ لأسماءَ سلِّمي ... عليهِ وقولِي حقَّ ما أنتَ خائفُ

أرى الدَّهرَ قدْ شطَّتْ بنا عنْ نواكمُ ... نوىً غربَةٌ فانظُر لأيٍّ تساعفُ

فقلتُ أجلْ لا شكَّ قدْ نبَّأتْ بهِ ... ظباءٌ جرتْ فاعتافَ من هوَ عائفُ

<<  <   >  >>