ترى جيفَ الحفّانِ فيهِ كأنَّها ... خيامٌ على ماءِ حديثٍ بمنهلِ
إرداةَ أن ألقاكِ يا أثلَ والهوَى ... كذلكَ حمَّالُ الفتَى كلَّ محملِ
فبعضَ البعادِ يا أثيلَ فإنَّنِي ... تروكُ الهوَى عنِ الهوانِ بمعزلِ
أبى لِي ربِّي أنْ أضامَ وصارمٌ ... حسامٌ وعزٌّ من حديثٍ وأوَّلِ
مقيمٌ بإذنِ الله ليسَ ببارحٍ ... مكانَ الثُريّا قاهرٌ غيرُ منزلِ
أقرَّتْ معدٌّ إنَّنا نحنُ خيرُها جدّى ... لطالبِ عرفٍ أو لضيفٍ محّولِ
مقاويلُ بالمعروفِ خرسٌ عنِ الخَنا ... قضاةٌ بفصلِ الحقِّ في كلِّ محفلِ
أخوهمْ إلى حصنٍ منيعٍ وجارهمْ ... بعلياءِ عنٍّ ليسَ بالمتذلّلِ
وفينا إذا ما حادثُ الدَّهرِ أجحفتْ ... نوائبُهُ والدَّهرُ جمُّ التنقُّلِ
لذي الغرمِ أعوانٌ وبالحقِّ قائلٌ ... وللحقِّ تبَّاعٌ وللحربِ مصطلِي
وللخيرِ كسَّابٌ وللمجدِ رافعٌ ... وللحمدِ أعوانٌ وللخيرِ معتلِ
نبيحُ حصونَ من نعادِي وحصننا ... أشمُّ منيعٌ حزنُهُ لم يسهَّلِ
نقودُ ذلولاً من نعادي وقرمُنا ... أبيُّ القيادِ مصعبٌ لم يذلَّلِ
نفلِّلُ أنيابَ العدُوِّ ونابُنا ... حديدٌ شديدٌ ورقهُ لمْ نذلّلِ
أولئكَ آبائي وعزمِي ومعقِلي ... إليهمْ أثيلَ فاسألِي أيَّ معقلِ
وقال عمر أيضاً:
ألمْ تسألِ الأطلالَ والمترَبَّعا ... ببطنِ حليَّاتٍ دوارسَ بلقَعا
إلى السَّرحِ من وادي المغمَّسِ بدِّلتْ ... معالمهُ وبلاً ونكباءَ زعزَعا
فيبخلنَ أو يخبرنَ بالعلمِ بعدَما ... نكأنَ فؤاداً كان قدماً مفجَّعا
بهندٍ وأترابٍ لهند إذ الهوَى ... جميعٌ وإذ لم نخشَ أنْ نتصدَّعا
وإذا نحنُ مثلُ المزنِ كانَ مزاجُهُ ... كما صفقَ السّاقي الرَّحيقَ المشعشعا
وإذ لا نطيعُ العاذلينَ ولا نرَى ... لواشٍ لدينا يطلبُ الصّرْمَ موضعا
تنوعتنَ حتَّى عاودَ القلبَ سقمُهُ ... وحتّى تذكرتُ الحديثَ المودَّعا
فقلتُ لمطريهنَّ في الحسنِ إنَّما ... ضررتَ فهلْ تسطيعُ نفعاً فتنفعا
وشرَّيتَ فاستشرى وقدْ كانَ قد صَحا ... فؤادٌ بأمثالِ المَها كانَ موزَعا
وهيَّجتَ قلباً كانَ قدْ ودَّعَ الصِّبا ... وأشياعَهُ فاشفعْ عسَى أنْ تشفَّعا
فقالَ اكتفلْ ثمَّ التثمْ فأتِ باغياً ... نسلِّمْ ولا تكثرْ بأنْ تتورَّعا
فإنَّي سأخفِي العينَ عنكَ فلا ترَى ... مخافةَ أن يفشُو الحديثَ فيسمعَا
فأقبلتُ أهوِي مثلَ ما قالَ صاحِبي ... لموعدِهِ أزجي قعوداً موقعاً
فلمّا تواقفنا وسلّمتْ أشرقتْ ... وجوهٌ زهاها الحسنُ أنْ تتقنّعا
تبالهنَ بالعرفانِ لمّا عرفننِي ... وقلنَ امرؤٌ باغٍ أكلَّ وأوضعا
وقرّبنَ أسبابَ الهوى لمتيَّمٍ ... يقيسُ ذراعاً كلّما قسنَ إصبَعا
فلمّا تنازعْنا الأحاديثَ قلنَ لي ... أخفتَ علينا أنْ تغرَّ وتخدَعا
فبالأمسِ أرسلْنا بذلكَ خالداً ... إليكَ وبيّنّا لهُ الشّأنَ أجمَعا
فما جئتنا إلاّ على وفقِ موعدٍ ... على ملاءٍ مّنا خرجنا لهُ معا
رأينا خلاءً من عيونٍ ومجلِساً ... دميثَ الرُّبا سهلَ المحلَّةِ ممرِعا
وقلنَ كريمٌ نالَ وصلَ كرائمٍ ... فحقَّ بنا في اليومِ أنْ نتمتَّعا
وقال عمر أيضاً:
تشطُّ غداً دارُ جيرانِنا ... وللدّارُ بعدَ غدٍ أبعدُ
إذا جاوزَتْ غمرَ ذي كندَةٍ ... معَ الرَّكبِ قصدٌ لها الفرقدُ
يحثُّ الحداةُ بها عيرَها ... سراعاً إذا ماونتْ تطرَدُ
هنالكَ أمّا تعزِّي الهوَى ... وإمَّا على إثرهِمْ تكمدُ
ولستَ ببدعٍ لئنْ دارُها ... نأتْ والعزاءُ إذنْ أجلدُ
دعانِيَ منْ شيبِ القّذا ... ل رئمُ لهُ عنُقٌ أغيدُ
وعينٌ تصابي وتدعُو الفتَى ... لما تركُهُ للفتَى أرشَدُ
صرمتُ وواصلُتُ حتَّى علمتُ ... أينَ المصادرُ والموردُ
وجرَّبتُ من ذاكَ حتَّى عرفتُ ... ما أتوقَّى وما أعمِدُ
فإنَّ التي شيَّعتْها الفتاةُ ... في الخدرِ قلبي بها مقصَدُ