كأنَّ دياراً بينَ أسنمَةِ النَّقا ... وبينَ هذاليلِ النحيزةِ مصحفُ
فلستُ بناسٍ ما تغنَّتْ حمامةٌ ... ولا ما ثوى بينَ الجناحينِ رفرفُ
دياراُ من الحيِّ الذينَ نحبُّهُمْ ... زمانَ القرَى والصَّارخُ المتلهِّفُ
همُ الحيُّ يربوعٌ تعادَى جيادُهمْ ... على الثَّغرِ والكافونَ ما يتخوَّفُ
عليهمْ من الماذيِّ كلُّ مفاضةٍ ... دلاصٍ لها ذيلٌ حصينٌ ورفرَفُ
ولا يستوي عقرُ الكزومِ بصوارٍ ... وذو التاج تحتَ الرّايةِ المتسّيفُ
ومولى تميمٍ حينَ يأوي إليهمِ ... وإنْ كانَ فيهمْ ثروةُ العزِّ منصفُ
وما شهدتْ يومَ الإيادِ مجاشعٌ ... وذا نجبٍ يومَ الأسنّةِ ترعفُ
فوارسُنا الحوّاطُ والسّرحُ دونهمْ ... وأردافُنا المحبوُّ والمتنصَّفُ
لقدْ مدَّ للقينِ الرِّهانِ فردَّهُ ... عنْ المجدِ عرقٌ من قفيرةَ مقرفُ
لحا اللهُ من ينبُو الحسامُ بكفِّهِ ... ومن هو للماخورِ في الحجلِ يرسفُ
ترفّقتَ بالكرينِ قينَ مجاشعٍ ... وأنتَ بهزِّ المشرفيّةِ أعنفُ
وتنكِرُ هزَّ المشرفِيَّ يمينُهُ ... ويعرفُ كفّيهِ الإناءُ المكتَّفُ
ولو كنتَ منّا يا ابنَ شعرةَ ما نبا ... بكفَّيكَ مصقولُ الحديدةِ مرهَفُ
عرفتمْ لنا الغرَّ السَّوابقَ قبلكُمْ ... وكانَ لقينيكَ السُّكيتُ المخلَّفُ
نعضّ الملوكَ الدّارعينَ سيوفَنا ... ودفُّكَ من نفاخةِ الكيرِ أجنفُ
ألمْ ترَ أنَّ الله أخزَى مجاشعاً ... إذا ضمَّ أفواجَ الحجيجِ المعرّفُ
فيومَ منىً نادتْ قريشٌ بغدرِهمْ ... ويومَ الهدايا في المشاعرِ عكَّفُ
ويبغضُ سترُ البيتِ آل مجاشعٍ ... وحجّابُهُ والعابدُ المتطوّفُ
فكانَ حديثُ الرّكبِ غدرَ مجاشعٍ ... إذا أنجدُوا من نخلتينِ وأوجفُوا
وإنَّ الحواريَّ الذي غرَّ حبلكُمْ ... له البدرُ كابٍ والكواكبُ كسَّفُ
ولو في بني سعدٍ نزلتَ لما عصتْ ... عواندُ من جوفِ الحواريِّ نزَّفُ
فهلاً نهيتمْ يا بني زبدِ استِها ... نسوراً رأتْ أوصالهُ فهيَ عكّفُ
فلستَ بوافٍ بالزُّبيرِ ورحلِهِ ... ولا أنتَ بالسّيدانِ بالحقِّ تنصفُ
بنو منقرٍ جرُّوا فتاةَ مجاشعٍ ... وشدَّ ابن ذيَّالٍ وخيلكَ وقَّفُ
وهمْ رجعُوها مسحرينَ كأنَّما ... بجعثنَ من حمَّى المدينةِ قفقفُ
وقد علم الأقوامُ أنَّ فتاتهمْ ... أذلَّتْ ردافاً كلَّ حالٍ تصرَّفُ
فباتتْ تنادي غالباً وكأنَّما ... على الرَّضفِ من جمرِ الكوانينِ ترضفُ
وتحلفُ ما أدموا لجعثنَ مثبراً ... ويشهدُ حوقُ المنقريِّ المجوَّفُ
وقد سلخُوا بالدّعسِ جلدَ عجانِها ... فما كادَ قرفٌ باستِها يتقرَّفُ
لجعثنَ بالسّيدانِ قدْ تعلمُونَه ... مساحجُ فيها لا تبيدُ ومزحفُ
على حفرِ السّيدانِ باتتْ كأنَّها ... سفينةُ ملاَّحٍ تقادُ وتجذفُ
وما قصدتْ في عقرِ جعثنَ منقرٌ ... ولكنْ تعدُّو في النّكاحِ وأسرفوا
وقدْ كانَ فيما سالَ من عرقِ استِها ... بيانٌ ورضفُ الرُّكبتينِ المجلَّفُ
وقدْ تركُوا بنتَ القيونِ كأنَّما ... بقيّةُ ما أبقَوا وجارٌ مجوَّفُ
بني مالكٍ أمسَى الفرزدقُ عابداً ... وجعثنُ باتتْ بالنآطلِ تدلفُ
وباتتْ ردافَى منقرٍ يركضونَها ... فضيَّعَ فيهمْ عقرَها المتردِّفُ
لحا اللهُ ليلى عرسَ صعصعةَ التِي ... تحبُّ بشارَ القينِ والقينُ أقلفُ
وإنّي لتبتزُّ الملوكَ فوارسي ... إذا غرَّكمُ ذو المرجلِ المتجخَّفُ
ألمْ ترَ تيمٌ كيفَ أرمِي مجاشِعاً ... شديدُ حبالُ المنجنيقينِ مقذفُ
عجبتُ لصهرٍ ساقكمُ آل درهمٍ ... إلى صهرِ أقوامٍ تلام وتصلفُ
لئيمانِ هذا يدَّعيها ابن درهمٍ ... وهذا ابن قينٍ جلدُهُ يتوسَّفُ
وما منعَ الأقيانُ عقرَ فتاتِهمِ ... ولا جارَهمْ والحرَّ من ذاكَ يأنفُ
أتمدحُ سعداً حينَ جرَّتْ مجاشعٌ ... عقيرةَ سعدٍ والخباءُ المكشَّفُ
نفاكَ حجيجُ البيتِ عن كلِّ مشعرٍ ... كما ردَّ ذو النوميّتينِ المزيَّفُ