وما زلتَ موقوفاً على كلِّ سوأةٍ ... وأنتَ بدارِ المخزياتِ موقَّفُ
ألؤماً وإقراراً على كلِّ سوأةٍ ... فما للمخازي عنْ قفيرةَ مصرَفُ
وما يحمدُ الأضيافُ رفدَ مجاشعٍ ... إذا روّحتْ حنّانةُ الرِّيح حرجفُ
إذا الشولُ راحتْ والقريعُ أمامَها ... وهنَّ ضئيلاتُ العرائكِ شسَّفُ
وأنتمْ بنو الخوّارِ يعرفُ ضربُهُ ... وأمُّكمُ فخٍّ قذامٌ وخيضفُ
وقائلةٍ ما للفرزدقِ لا يرى ... عن السِّن يستغنى ولا يتعفَّفُ
يقولونَ كلاَّ ليسَ للقينِ غالبٌ ... بلى إنَّ ضربَ القينِ للقينِ يعرفُ
ولمّا رأوا عينيْ جبيرٍ لغالبٍ ... أبانَ جبيرُ الرِّبيةَ المتقرِّفُ
أخو اللؤمِ ما دامَ الغضا عندَ عجلزٍ ... وما دامَ يسقى في رمادانَ أحقفُ
إذا ذقتَ منِّي طعمَ حربٍ مريرةٍ ... عطفتُ عليكَ الحربَ والحربُ تعطفُ
أتعدلُ كهفاً لا ترامُ حصونُهُ ... بهارِي المراقي جولهُ يتقصَّفُ
يحوطُ تميمٌ من يحوطُ حماهمُ ... ويحمي تميماً من لهُ ذاكَ يعرفُ
أنا ابنُ بني سعدٍ وعمروٍ ومالكٍ ... أنا ابنُ تميمٍ لا وشيظٍ تخلَّفوا
إذا خطرتْ عمروٌ ورائي وأصبحتْ ... قرومُ بنِي زيدٍ تسامَى وتصرفُ
ولمْ أنسَ من سعدٍ بقصوانَ مشهداً ... أو الأدمى ما دامتِ العينُ تطرِفُ
وسعدٌ إذا صاحَ العدوُّ بسرحِهمْ ... أبوا أنْ يهدُّوا للصّياحِ فأزحفُوا
ديارُ بني سعدٍ ولا سعدَ بعدهمْ ... عفتْ غيرَ أنقاءٍ بيبرين تعزفُ
إذا نزلتْ أسلافُ سعدٍ بلادَها ... وأثقالُ سعدٍ ظلَّتِ الأرضُ ترجفُ
وقال جريرٌ للفرزدق:
ألمْ ترَ أنَّ الجهلَ أقصرَ باطلُهْ ... وأمسَى عماءً قدْ تجلَّتْ مخايلُهْ
أجنُّ الهوى أمْ طائرُ البينِ شفِّني ... بجمدِ الصّفا تنعابه ومحاجلُهْ
لعلَّكَ محزونٌ لعرفانِ منزلٍ ... محيلٍ بوادي القريتينِ منازلُهْ
وإنَّ ولو لامَ العواذلُ مولعٌ ... بحبِّ الغضا من حبِّ منْ لا يزايلُهْ
وذا مرخٍ أحببتُ من حبِّ أهلِهِ ... وحيثُ انتهتْ في الرَّوضتينِ مسايلهْ
أتنسَى لطولِ العهدِ أمْ أنتَ ذاكرٌ ... خليلكَ ذا الوصلِ الكريمِ شمائلهْ
لحبَّ بنارٍ أوقدتْ بينَ محلبٍ ... وفردةَ لو يدنُو من الحبلِ واصلُهْ
وقدْ كانَ أحياناً بي الشَّوقُ مولعاً ... إذا الطَّرفُ الظّعّانُ ردّتْ حمائلُهْ
فلمّا التقى الحيّانِ ألقيتِ العصا ... وماتَ الهوى لمّا أصيبتْ مقاتلُهْ
لقد طالَ كتمانِي أمامةَ حبَّها ... فهذا أوانُ الحبِّ تبدو شواكلُهْ
إذا حلِّيتْ فالحليُ منها بمعقدٍ ... مليحٍ وإلاّ لم يشنْها معاطلُهْ
وقال اللّواتي كنَّ قبلُ يلمننِي ... لعلَّ الهوى يومَ المغيزلِ قاتلهْ
وقلنَ تروَّحْ لا تكنْ لكَ حاجةً ... وقلبكَ لا تشغلْ وهنَّ شواغلُهْ
ويومٍ كإبهامِ القطاةِ مزيَّنٍ ... إليَّ صباهُ غالبٍ ليَ باطلهْ
لهوتُ بجنّيِّ عليهِ سموطُهُ ... وإنسٌ مجاليهِ وأنسٌ شمائلُهْ
فما مغزلٌ أدماءُ تحنُو لشادنٍ ... كطوقِ الفتاةِ لم تشدّدْ مفاصلهْ
بأحسنَ منْها يومَ قالتْ أناظرٌ ... إلى الليلِ بعدَ النَّيلِ أمْ أنتَ عاجلهْ
فلو كانَ هذا الحبُّ حبّاً سلوتُه ... ولكنَّه داءٌ تعودُ عقابلُهْ
ولمْ أنسَ يوماً بالعقيقِ تخايلتْ ... ضحاهُ وطابتْ بالعشِيِّ أصائلُهْ
رُزِقنا به الصَّيدَ الغزيرَ ولم نكنْ ... كمنْ نبلهُ محرومةٌ وحبائلهْ
ثواني أجيادٍ ويودعنَ من صحا ... ومن بثه عن حاجةِ اللهوِ شاغلُهْ
فأيهاتَ أيهاتَ العقيقُ ومن بهِ ... وهيهاتَ وصلٌ بالعقيقِ نواصلهْ
لنا حاجةٌ فانظر وراءكَ هل ترَى ... بروضِ القطا الحيَّ المروّحَ جاملهْ
رعانُ أجاً مثلُ الفوالج دونهمْ ... ورملٌ خبتْ أنقاؤُهُ وخمائلُهْ
رددنا لشعثاءَ الرَّسولَ ولا أرى ... كشعثاءَ يومَ البينِ ردَّتْ رسائلُهْ
فلو كنتَ عندِي يومَ قوٍّ عذرتنِي ... بيومٍ زهتني جنُّهُ وأخابلُهُ