ولوْ ضافَ أحياءً بحزمِ مليحةٍ ... للاقى جواراً صافياً غيرَ أكدرا
ولوْ حلَّ فينا عاينَ القومُ دونهُ ... عوابسَ يعلكنَ الشكائمَ ضمرا
إذنْ لسمعتَ الخيلَ والخيلُ تدعي ... رياحاً وتدعوا العاصمينِ وجعفرا
فوارسُ لا يدعونَ يالَ مجاشعٍ ... إذا كانَ ما يذري السنابكُ أغبرا
همُ ضربوا هامَ الملوكِ وعجلوا ... بوردٍ غداةَ الحوفزان فنكرا
وقدْ جربَ الهرماسُ وقعَ سيوفنا ... وقطعنَ عنَ رأسِ ابنِ كبشةَ مغفرا
وقدْ جعلتْ يوماً بطخفةَ خيلنا ... لآلِ أبي قابوسَ يوماً مذكرا
فنوردُ يومَ الروعِ خيلاً مغيرةً ... وتوردُ ناباً تحملُ الكيرَ صوءرا
سبقتَ بأيامِ الفعالِ فلمْ تجدْ ... لقومكَ إلاَّ عقرَ نابكَ مفخرا
لقيتَ القرومَ الخاطراتِ فلمْ يكنْ ... بكيركَ إلاَّ أنْ تكشَّ وتبعرا
ولاقيتَ خيراً منْ أبيكَ فوارساً ... وأكرمَ أياماً سحيماً وجحدرا
هما تركا عمراً وقيساً كلاهما ... يمجُّ نجيعاً منْ دمِ الجوفِ أحمرا
وسارَ لبكرٍ نخبةٌ منْ مجاشعٍ ... فلما رأى شيبانَ والخيلَ عفرا
وفي أيِّ يومٍ لمْ تكونوا غنيمةً ... وجاركمُ فقعٌ محالفُ قرقرا
فلا تتقونَ الشرَّ حتى يصيبكمْ ... ولا تعرفونَ الأمرَ إلا تدبرا
وعوفٌ يعافُ الضيمَ منْ آلِ مالكٍ ... وكنتمْ بني جوخى على الضيمِ أصبرا
لقدْ كنتُ يا ابنَ القينِ ذا خبرٍ بكمْ ... وعوفٌ أبو قيسٍ بكمْ كانَ أخبرا
تركتمْ مزاداً عندَ عوفٍ رهينةٌ ... فأطعمهُ عوفٌ سباعاً وأنسرا
وصالحتمُ عوفاً على ما يريبكمْ ... كما لمْ تقاضوا عقرَ جعثنَ منقرا
فما ظنكمْ بالقعسِ منْ آلِ منقرٍ ... وقدْ باتَ فيهمْ ليلها متسحرا
تناومتَ يا ابنَ القينِ إذْ يخلجونها ... كخلجِ الصراريِّ السفينَ المقيرا
وباتتْ تنادي غالباً وكأنما ... يشقونَ زقاً مسهُ القارُ أشعرا
وعمرانُ ألقى فوقَ جعثنَ كلكلاً ... وأوردَ أمَّ الغولِ فيها وأصدرا
رأى غالبٌ آثارَ فيشلِ منقرٍ ... فما زالَ منها غالبٌ بعدُ مهترا
بكى غالبٌ لما رأى نطفاً بها ... منَ الذلِّ إذْ ألقى على النارِ أيصرا
جزى اللهُ ليلى عنْ جبيرٍ ملامةً ... وقبحَ قيناً بالمقرينِ أعورا
إذا ذكرتْ ليلى جبيراً تعصرتْ ... وليسَ بشافٍ داؤها أنْ تعصرا
تزورُ جبيراً مرةً ويزورها ... وتتركَ أعمى ذا خميلٍ مدثرا
تسوفُ صنانَ القينِ منْ ربةٍ بهِ ... ليجعلَ في ثقبِ المحالةِ محورا
يزاولُ فيها القينُ محبوكةَ القفا ... كأنَّ بها لوناً منَ الورسِ أصفرا
فهلْ لكمُ في حنثرٍ يا بنَ حنثرٍ ... ولما تصبْ تلكَ الصواعقُ حنثرا
فإنَّ ربيعاً والمشيعَ فاعلموا على موطنٍ لمْ يدريا كيفَ قدرا
ألاَ ربَّ أعشى ظالمٍ متخمطٍ ... جعلتُ لعينيهِ جلاءً فأبصرا
وقدْ كنتُ ناراً يتقي الناسُ حرها ... وسماً على الأعداءِ أصبحَ ممقرا
ألمْ أكُ زادَ المرملينَ موالجاً ... إذا دفعَ البابُ الغريبَ المعورا
نعدُّ لأيامٍ نعدُّ لمثلها ... فوارسُ قيسٍ دارِعينَ وحسرا
وما كنتَ يا ابنَ القينِ تلقى جيادهمْ ... وقوفاً ولا مستنكراً أنْ تعقرا
أتنسونَ يوميْ رحرحانَ وقدْ بدا ... فوارسُ قيسٍ لابسينَ السنورا
تركتمْ بوادي رحرحانَ نساءكمْ ... ويومَ الصفا لاقيتمُ الشعبَ أوعرا
سمعتمْ بني مجدٍ دعوا يالَ عامرٍ ... فكنتمْ نعاماً بالحزيزِ منفرا
وأسلمتمُ لابنيْ أسيدةَ حاجباً ... ولاقى لقيطٌ حتفهُ فتقطرا
وأسلمتِ القلحاءُ للقومِ معبداً ... تجاوبُ مخموساً منَ القدِّ أسمرا
وقال جرير يجيب الفرزدق، ويهجو الأخطل والبعيث وسراقة النبهاني وعبد الله بن العباس الكندي:
عرفتُ الدارَ بعدَ بلى الخيامِ ... سقيتِ نجيَّ مرتجزٍ ركامِ
كأنَّ أخا اليهودِ يخطُّ وحياً ... بكافٍ في منازلها ولامِ
فأطلعتُ الغوانيَ بعدَ وصلٍ ... وقدْ نزعَ الغيورُ عنِ اتهامي