تنازعنا بجدتها حبالاً ... فنينَ بلاً وصرنَ إلى رمامِ
وقدْ خبرتهنَّ يقلنَ فانٍ ... ألا ينظرنَ منْ خللِ القرامِ
وقدْ حدثتهنَّ هزئنَ مني ... ولا يغشينَ رحلي في المنامِ
فقدْ أقصرتُ عن طلبِ الغواني ... وقدْ آذنَّ حبلي بانصرامِ
وعاوٍ قدْ تعرضَ لي متاحٍ ... ودقَّ جبينهُ حجرُ المرامي
ضغا الشعراءُ حينَ لقوا هزبراً ... إذا مدَّ الأعنةُ ذا اعتزامِ
فلما قتلَ الشعراءَ غماً ... أضرَّ بهمِ وأمسكَ بالكظامِ
قتلتُ التغلبيَّ وطاحَ قردٌ ... هوى بينَ الحوالقِ والحوامي
ولابنِ البارقيّ قدرتُ حتفاً ... وأقصدتُ البعيثَ بسهمِ رامِ
وأطلعتُ القصائدَ طوعَ سلمى ... وجدعَ صاحبي شعبى انتقامي
ستخزى ما حييتَ ولا يحيا ... إذا ما متَّ قبركَ بالسلامِ
ولوْ أني أموتُ لشدَّ قبري ... بمسمومٍ مضاربهُ حسامِ
لقدْ رحلَ ابنُ شعرةَ نابَ سوءٍ ... تعضُّ على المواركِ والزمامِ
تلفتُ أنها تحتَ ابنِ قينِ ... حليفِ الكيرِ والفأسِ الكهامِ
متى تردِ الرصافةَ تخزَ فيها ... كخزيكَ في المواسمِ كلَّ عامِ
لقدْ نزلَ الفرزدقُ دارَ سعدٍ ... ليالي لا يعفُّ ولا يحامي
إذا ما رمتَ ويبَ أبيكَ سعداً ... لقيتَ صيالَ مقرمةٍ سوامي
همُ جروا بناتِ أبيكَ غصباً ... وما تركوا لجاركَ منْ ذمامِ
وهمْ قتلوا الزبيرَ فلمْ تغيرْ ... ودقوا حوضَ جعثنَ في الزحامِ
وهمْ شدخوا بواطنَ أسكتيها ... بمثلِ فراسنِ الجملِ الشأمي
أضيؤوا للفرزدقِ نارَ ذلٍّ ... لينظرَ في أشاعرها الدوامي
وحجزةُ لوْ تبينَ ما رأيتمْ ... بعضرطها لماتَ منَ الفحامِ
وإنَّ صدى المقرِّ بهِ مقيمٌ ... ينادي الذلَّ بعدَ كرى النيامِ
لأعظمِ غدرةٍ نفشوا لحاهمْ ... غداةَ العرقِ أسفلَ منْ سنامِ
تلومكمُ العصاةُ وآلُ حربٍ ... ورهطُ محمدٍ وبنو هشامِ
ولوْ حلَّ الزبيرُ بنا لجلى ... وجوهَ فوارسي رهجُ القتامِ
لخافوا أنْ تلومهمُ قريشٌ ... فردوا الخيلَ داميةَ الكلامِ
سقى جدثَ الزبير ولا سقاكمْ ... نجيُّ الودقِ مرتجزُ الغمامِ
وإنكَ لوْ سألتَ بنا بحيراً ... وأصحابَ المحبةِ عنْ عصامِ
ونازلنا ابنَ كبشةَ قدْ علمتمْ ... وذا القرنينِ وابنَ أبي قطامِ
وللهرماسِ قدْ تركوا مجراً ... لطيرٍ يعتفينَ دمَ اللحامِ
وساقَ ابني هجيمةَ يومَ غولٍ ... إلى أسيافنا قدرُ الحمامِ
فقتلنا جبابرةً ملوكاً ... وأطلقنا الملوكَ على احتكامِ
وذا الجدينِ أرهقتِ العوالي ... بكلِّ مقلصٍ قلقِ الحزامِ
رجعنَ بهانئٍ وأصبنَ بشراً ... ويومَ الجمدِ يومَ لهىً عظامِ
ألسنا نحنُ قدْ علمتْ تميمٌ ... نمدُّ مقادةَ اللجبِ اللهامِ
نقيمُ على ثغورِ بني تميمٍ ... ونصدعُ بيضةَ الملكِ الهمامِ
وكنتمْ تأمنونَ إذا أقمنا ... وإنْ نظعنْ فما لكَ منْ مقامِ
وكنا الذائدينَ إذا جلوكمْ ... عنِ السبي المصبحِ والسوامِ
تفدينا نساؤكمُ إذا ما ... رقصنَ وقْد رفعنَ عنِ الخدامِ
تسوقونَ العلابَ ولمْ تعدوا ... ليومِ الروعِ صلصلةَ اللجامِ
فيومَ الشيطينِ حبارياتٌ ... وأشردُ في الوقيظِ منَ النعامِ
وخالي ابنُ الأشدِّ سما بسعدٍ ... فحازوا يومَ ثيتلَ وهوَ سامِ
فأوردهمْ مسلحتيْ تياسٍ ... حظيظٌ بالرياسةِ والزعامِ
أصعصعَ بعضَ لؤمكَ إنَّ ليلى ... روادُ الليلِ مطلقةُ الكمامِ
أصعصعَ قالَ قينكِ أردفيني ... وثوبي دونَ واسطةٍ أمامي
تفدي عامَ بيعَ لها جبيرٌ ... وتزعمُ أنَّ ذلكَ خيرُ عامِ
بها شبهُ الزبابةِ في بنيها ... وعرقٌ منْ قفيرةَ غيرُ نامي
قفيرةُ وهيَ ألأمُ أمِّ قومٍ ... توفى في الفرزدقِ سبعَ آمِ
فإنَّ مجاشعاً فتبينوهمْ ... بنو جوخى وجخجخَ والقذامِ
وأمهمُ خضافِ تداركتهمْ ... بذحلٍ في القلوبِ وفي العظامِ
وقال جرير يرد على الفرزدق، وهي آخر النقائض: