للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرفتَ بأعلى رائسِ الفأوِ بعدما ... مضتْ سنةٌ أيامها وشهورها

منازلَ أعرتها جبيرةُ والتقتْ ... بها الريحُ شرقياتها ودبورها

كأنْ لمْ يخوضْ أهلها الثورَ يجتنى ... بحافتها الخطميَّ غضاً نضيرها

أناةٌ كرئمِ الرملِ نوامةُ الضحى ... بطيءٌ على لوثِ النطاقِ بكورها

إذا حسرتْ عنها الجلابيبَ وارتدتْ ... إلى الزوجِ ميالاً يكادُ يصورها

ومرتجةِ الأعطافِ منْ آلِ جعفرٍ ... مخضبةِ الأطرافِ بيضٍ نحورها

كأنَّ نقاً منْ عالجٍ أزرتْ بهِ ... بحيثُ التقتْ أوراكها وصدورها

فقدْ خفتُ منْ تذرافِ عينيَّ إثرها ... على بصري والعينُ يعمى بصيرها

تفجرَ ماءُ العينِ كلَّ عشيةٍ ... وللشوقِ ساعاتٌ يهيجُ ذكورها

وما زلتُ أزجي الطرفَ منْ حيثُ يممتْ ... منَ الأرضِ حتى ردَّ عيني حسيرها

فردَّ عليَّ العينَ وهيَ مريضةٌ ... هذاليلُ بطنِ الراحتينِ وقورها

فربَّ ربيعٍ بالبلاليقِ قدْ رعتْ ... بمستنِّ أغياثٍ بعاق ذكورها

تحدرَ قبلَ النجمِ مما أمامهُ ... من الدلوِ والأشراطُ يجري غديرها

تحيرَ ذاريها إذا اطردَ السفا ... وهاجتْ لأيامِ الثريا حرورها

أتصرفُ أجمالَ النوى شاجنيةً ... أمِ الحفرُ الأعلى بفلجٍ مصيرها

وما منهما إلاَّ بهِ منْ ديارها ... منازلُ أمستْ ما تبيدُ سطورها

وكائنْ بها منْ عينِ باكٍ وعبرةٍ ... إذا امتريتْ كانتْ سريعاً درورها

يرى قطنٌ أهلَ الأصاريمِ أنهُ ... غنيٌّ إذا ما كلمتهُ فقيرها

تهادى إلى بيتِ الصلاةِ كأنها ... على الوعثِ ذو ساقٍ مهيضٍ كسيرها

كدرةِ غواصٍ رمى في مهيبةٍ ... بأجرامهِ والنفسُ يخشى ضميرها

موكلةً بالدرِّ خرساءُ قدْ بدا ... إليهِ منَ الغواصِ منهُ نذيرها

فقالَ ألاقي الموتَ أوْ أدركُ الغنى ... لنفسيَ والآجالُ جاءٍ دهورها

ولما رأى ما دونها خاطرتْ بهِ ... على الموتِ نفسٌ لا ينامُ فقيرها

فأهوى وناباها حواليْ يتيمةٍ ... هيَ الموتُ أوْ دنيا ينادي بشيرها

فألوتْ بكفيهِ المنيةُ إذْ دنا ... بعضةِ أنيابٍ سريعٍ سؤورها

فحركَ أعلا حبلهِ بحشاشةٍ ... ومنْ فوقهِ خضراءُ طامٍ بحورها

فما جاءَ حتى مجَّ والماءُ فوقهُ ... منَ النفسِ ألواناً عبيطاً نحيرها

إذا ما أرادوا أنْ تحيرَ مدوفةً ... أبى منْ تقضي نفسهِ لا يحيرها

فلما أروها أمهُ هانَ وجدها ... رجاةَ الغنى لما أضاءَ منيرها

وظلتْ تغالاها التجارُ فلا ترى ... لها سيمةً إلاَّ قليلاً كثيرها

ألمْ تعلمي إذا القدرُ حجلتْ ... وألقيَ عنْ وجهِ الفتاةِ ستورها

وراحتْ تشلُ الشولُ والفحلُ خلفها ... زفيفاً إلى نيرانها زمهريرها

شآميةٌ تغشى الخفائرَ نارها ... ونبحُ كلابِ الحيِّ فيها هريرها

إذا الأفقُ الغربيُّ أمسى كأنهُ ... سدى أرجوانٍ واستقلتْ عبورها

ترى النيبَ منْ ضيفي إذا ما رأينهُ ... ضموزاً على جراتها ما تحيرها

يحاذرنَ منْ سيفي إذا ما رأينهُ ... معي قائماً حتى يكوسَ عقيرها

وقدْ علمتْ أنَّ القرى لابنِ غالبٍ ... ذراها إذا لمْ يقرِ ضيفاً درورها

شققنا عنِ الأفلاذِ بالسيفِ بطنها ... ولما تجلدْ وهيَ يحبو بقيرها

ونبئتُ ذا الأهدامِ يعوي ودونهُ ... منَ الشأمِ زراعاتها وقصورها

إليَّ ولمْ أتركْ على الأرضِ نابحاً ... ولا حيةً إلا استسرَّ عقيرها

كلاباً نبحنَ الليثَ منْ كلِّ جانبٍ ... فعادَ عواءً بعدَ نبحٍ هريرها

عوى بشقاً لابنيْ بحيرٍ ودوننا ... نضادٌ فأعلامُ الستارِ فنيرها

ونبئتَ كلبَ ابني حميضةَ قدْ عوى ... إليَّ ونارُ الحربِ تغلي قدورها

فودتْ بأذنيْ رأسهِ أمُّ نافعٍ ... بجاريةٍ عفلاءَ كانَ زحيرها

وودتْ مكانَ الأنفِ لوْ كانَ نافعٌ ... لها حيضةً أوْ أجهضتهُ شهورها

مكانَ ابنها إذْ هاجني بعوائهِ ... عليها منَ الجربِ البطيءِ طرورها

دوامغَ قدْ يعدي الصحاحَ قرافها ... إذا هنئتْ يزدادُ عراً نشورها

<<  <   >  >>