للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يبرِ جبلتها حملٌ تتابعهُ ... بعدَ اللطامِ ولمٍْ يغلظنَ من عقرِ

كأنَّها مقطٌ ظلتْ على قيمٍ ... من ثُكْدَ واعتركتْ في مائهِ الكدرِ

شقرٌ سماويةٌ ظلتْ محلأةً ... برجلةِ التيسِ فالروحاءِ فالأمرِ

كانتْ بجزءٍ فملتها مشاربُهُ ... وأخلفتها رياحُ الصيفِ بالغدرِ

فَراحَ قبلَ غروبِ الشمسِ يصفقُها ... صفقَ العنيفِ قلاصَ الخائفِ الحذرِ

يخرجنَ بالليلِ من نقعٍ لهُ عرفٌ ... بقاعِ أمعطَ بينَ السهلِ والصيَرِ

حتى إذا ما أضاءَ الصبحُ وانكشفتْ ... عنهُ نعامةُ ذي سقطينِ منشمرِ

وصبحتْ بركَ الريانِ فاتبعتْ ... فيهِ الجحافلُ حتى خضنَ بالسررِ

حتى إذا قتلتْ أدنَى الغليلِ ولمْ ... تملأ مذاخرَها للرِّيِّ فالصدَرِ

وصاحبا قترةٍ صفرٌ قسيهما ... عندَ المرافقِ كالسيدينِ في الحجرِ

تنافسا الرميةَ الأولى ففازَ بها ... معاودُ الرَّمي قتالٌ على فقرِ

حتى إذا ملأ الكفينِ أدرَكَهُ ... جدٌّ حسودٌ وخانتْ قوةُ الوترِ

فانصعنَ أسرَعَ من طيرٍ مغاولةٍ ... تهوي إلى لابةٍ من كاسِرٍ خدرِ

إذا لقينَ عروضاً دونَ مصنعةٍ ... وركنَ من جنبها الأقصَى لمحتضرِ

فأطلَعَتْ فرزةَ الآجامِ جافلةً ... لمْ تدرِ أنَّى أتاها أولُ الذعرِ

فأصبحَتْ بينَ أعلامٍ بمرتقبٍ ... مقورةً كقداحِ الغارِمِ اليَسَرِ

يزرُّ أكفالَها غيرانُ مبترِكٌ ... كاللوحِ جردَ دفاهُ من الزُّبُرِ

وقال الراعي يمدح بشر بن مروان: الطويل

ألمْ يسألِ الركْبُ الديارَ العوافيا ... بوجهِ نوًى منْ حلها أو متَى هيا

ظللنا سراةَ اليومِ منْ حبِّ أهلها ... نسائلُ آناءً لها وأثافيا

بذي الرضمِ سارَ الحيُّ منها فما ترى ... بها العينُ ألاَّ مسجداً وأواريا

وجوناً أظلتها ركابٌ مناخةٌ ... ركابُ قدورٍ لا يرِمْنَ المثاويا

وآناءَ حيٍّ تحتَ عينٍ مطيرةٍ ... عظامِ البيوتِ ينزلونَ الروابيا

أربتْ شهريْ ربيعٍ عليهمِ ... جنائبُ ينتجنَ الغمامَ المتاليا

بأسحمَ من هيجِ الذراعينِ أتأقتْ ... مسايلهُ حتى بلغنَ المناجيا

عهدنا الجيادَ الجردَ كلَّ عشيةٍ ... يشارُ بها والمجلسَ المتباهيا

وضربَ نساءٍ لوْ رآهنَّ راهبٌ ... لهُ ظلةً في قنةٍ ظلَّ رانِيا

جوامعَ أنْسٍ في حياءٍ وعفةٍ ... يصدنَ الفتى والأشمطَ المتناهيا

بأعلامِ مركوزٍ فعيرٍ فغربٍ ... مغانِيَ أمِّ الوبرِ إذْ هي ما هِيا

لها بحقيلٍ والنميرةِ منزلٌ ... ترى الوحشَ عوذاتٍ بهِ ومتاليا

ومعتركٍ من أهلها قدْ عرفنهُ ... بوادِي أريكٍ حيثُ كانَ محانِيا

وإنَّ نساءَ الحيِّ لما رمينني ... أصبنَ الشوى مني وصدنَ فؤاديا

ثقالٌ إذا رادَ النساءُ خريدةٌ ... صناعٌ فقدْ سادتْ إليَّ الغوانيا

ولستُ بلاقٍ في قبائلِ قومِها ... لوبرةَ جاراً آخرَ الدهرِ قاليا

كغراءَ سوداءِ المدامِع ترتعي ... بحوملَ عطفيْ رملةٍ وتناهِيا

لها ابنُ ليالٍ ودأتهُ بقفرةٍ ... وتبغي بغيطانٍ سواهُ المراعيا

أغنُّ غضيضُ الطرفِ باتتْ تعلهُ ... صرَى ضرةٍ شكرَى فأصبحَ طاوِيا

وقدْ عودتهُ بعدَ أولِ بلجةٍ ... منَ الصبحِ حتى الليلَ ألاَّ تلاقيا

تظلُّ بذي الأرطَى تسمعُ صوتهُ ... مفزعةً تخشى سباعاً وراميا

إذا نظرتْ نحوَ ابْنِ إنْسٍ فإنَّهُ ... يرى عجباً ما واجهتهُ كما هيا

دعانِي الهوى منْ أهلِ وبرٍ ودونها ... ثلاثةُ أخماسٍ فلبيكَ داعيا

فعجنا لذكراها وتشبيه صوتِها ... قلاصاً بمجهولِ الفلاةِ صوادِيا

نجائبَ لا يُلقحنَ إلا يعارةً ... عراضاً ولا يشرينَ إلا غواليا

كأنّا على صهبٍ من الوحشِ صعلةٍ ... سماويةٍ ترعى المروجَ خواليا

من المفرعاتِ المجفراتِ كأنَّها ... غمامٌ حدتهُ الريحُ فانقضَّ ساريا

إذا شربَ الظمءُ الأداوَى ونضبتْ ... ثمائلَها حتى بلغنَ العزاليا

بغبراءَ مجرازٍ يبيتُ دليلُها ... مشيحاً عليها للفراقدِ راعيا

<<  <   >  >>