للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعاليننا بالطرفِ دونَ حديثنا ... ويقضينَ حاجاتٍ وهنَّ موازحُ

وخالطنا منهنَّ ريحُ لطيمةٍ ... من المسكِ أدّاها إلى الحي رابحُ

صلينَ بها ذاتَ العشاءِ ورشَّها ... عليهنَّ في الكتانِ ريطٌ نصائحُ

فبتنا على الأنماطِ والبيضُ كالدمَى ... يضيءُ لنا لباتهنَّ المصابحُ

إذا فاطنتنا في الحديثِ تهزهزتْ ... إلينا قلوبٌ دونهنَّ الجوانحُ

وظلَّ الغيورُ آنفاً ببنانِهِ ... كما عضَّ برذونٌ على الفأسِ جامحُ

كئيباً يردُّ اللهْفَتَيْنِ لأمِّهِ ... وقدْ مسهُ منّا ومنهُ نواطِحُ

فلما تفرقنا شجينَ بعبرةٍ ... وزودننا نصباً وهنَّ صحائحُ

فرفعَ أصحابي المطيَّ وأبنُوا ... هنيدةَ فاشتاقَ العيونُ اللوامحُ

فويلُ أمها من خلةٍ لوْ تنكرَتْ ... لأعدائنا أو صالحتْ من نصالحُ

وصبهاءَ من حانوتِ رمانَ قدْ غدا ... عليَّ ولمْ ينظرْ بها الشرقَ صابحُ

فساقيتُها سمحاً كأنَّ نديمهُ ... أخا الدهرِ إذْ بعضُ المساقينَ فاضحُ

فقصرَ عني اليومَ كأسٌ رويةٌ ... ورخصُ الشواءِ والقيانُ الصوادِحُ

إذا نحنُ أنزفنا الخوابيَ علنا ... مع الليلِ ملثومٌ بهِ القارُ ناتحُ

لدنْ غدوةً حتى نروحَ عشيةً ... نحيا وأيدينا بأيدٍ نصافحُ

إذا ما برزنا للفضاءِ تقحمتْ ... بأقدامنا منا المتانُ الصرادِحُ

وداويةٍ غبراءَ أكثرُ أهلها ... عريفٌ وهامٌ آخرَ الصبحِ ضابحُ

أقرَّ بها جأشي بأوَّلِ آيةٍ ... وماضٍ حسامٌ غمدُهُ متطايحُ

يمانٍ كلونِ الملحِ يرعدُ متنهُ ... إذا هزَّ مطبوعٌ على السَّمِّ جارحُ

يزيلُ بناتِ الهامِ عنْ سكناتها ... وما يلقَهُ من ساعدٍ فهو طائحُ

كأنَّ بقايا الأُثْرِ فوقَ عمودِهِ ... مدَبُّ الدبا فوقَ النقا وهو سارحُ

وطخياءَ منْ ليلِ التمامِ مريضةٍ ... أجنَّ العماءُ نجمها فهو ماصحُ

تسفتها لما تلاومَ صحبتي ... بمشتبهِ الموماةِ والماءُ نازحُ

وعدٍّ خلا فاخضرَّ واصفرَّ ماؤُهُ ... لكدرِ القطا وردٌ بهِ متطاوِحُ

نشحتُ بها عنساً تجافى أظلُّها ... عنِ الأُكْمِ إلاَّ ما وقتْهُ السرائحُ

فسافَتْ جباً فيه ذنوبٌ هراقهُ ... على قلصٍ من ضربِ أرْحَبَ ناشِحُ

تريكٍ ينشُّ الماءُ في حجراتهِ ... كما نشَّ جزرٌ خضخضتهُ المجادحُ

وقال الراعيُّ يمدح عبد الله بن يزيد بن معاوية: البسيط

طافَ الخيالُ بأصحابي وقدْ هجدوا ... من أمِّ علوانَ لا نحوٌ ولا صَدَدُ

فأرقتْ فتيةً باتوا على عجلٍ ... وأعيناً مسها الإدلاجُ والسهدُ

هل تبلغني عبد اللهِ دوسرةٌ ... وجناءُ فيها عتيقُ النيِّ ملتبدُ

عنسٌ مذكرةٌ قد شقَّ بازلُها ... لأياً تلاقى على حيزومها العقدُ

كأنَّها يومَ خمسِ القومِ عنْ جلبٍ ... ونحنُ والآلُ بالموماةِ نطردُ

قرمٌ تعاداهُ عادٍ عنْ طروقتهِ ... منَ الهجانِ على خرطومِهِ الزبدُ

أو ناشطٌ أسفَعُ الخديْنِ الجأهُ ... نفحُ الشمالِ فأمسَى دونهُ العقدُ

باتَ إلى دفءِ أرْطاةٍ أضَرَّ بها ... حرُّ النقا وزهاها منبتٌ جردُ

ما زالَ يركَبُ روقيْهِ وجبهتهُ ... حتى استباثَ سفاةً دونها الثأدُ

حتى إذا نطق العصفورُ وانكشفتْ ... عمايةُ الليلِ عنهُ وهو معتمدُ

غدا ومنْ عالجٍ خدٌّ يعارضهُ ... عن الشمالِ وعنْ شرقيهِ كبدُ

يعلو عهاداً من الوسمِي زينهُ ... ألوانُ ذي صبحٍ مكاءهُ غردُ

بكلِّ ميثاءَ ممراحٍ بمنبتِها ... من الذراعيْنِ رجافٌ لهُ نضدُ

ظلتْ تصفِّقُهُ ريحٌ تدرُّ لها ... ذاتُ العثانينِ لا راحٌ ولا بردُ

أصبحَ يجتابُ أعرافَ الضبابِ بهِ ... مجتازَ أرضٍ لأخرَى فارِدٌ وحدُ

يهوي كضوءِ شهابٍ خبَّ قابسُهُ ... ليلاً يبادِرُ منهُ جذوةً تقدُ

حتى إذا هبطَ الأحزانَ وانقطعتْ ... عنهُ سلاسلُ رملٍ بينها عقدُ

صادفَ أطلَسَ مشاءً بأكلبِهِ ... إثرَ الأوابدِ ما ينمِي لهُ سبدُ

أشلى سلُوقيةً ظلتْ وباتَ بها ... بوحشِ إصمتَ في أصلابِها أودُ

<<  <   >  >>