لنا جببٌ وأرماحٌ طوالٌ ... بهنَّ نخاطِرُ الحربَ الشطونا
وأفراسٌ إذا نلقَى عدواً ... بملحمةٍ عرفنَ إذا ربينا
وردنَ المجدَ قبلَ بني نزارٍ ... فما شربوا بهِ حتى رَوينا
وجدنا عامراً أشرافَ قيسٍ ... فكنا الصلْبَ منها والوتِينا
ذؤابتُنا ذؤابتها وكانتْ ... فتاةَ لوائِها المتبوعِ فينا
ومنْ يفخرْ بمكرمةٍ فإنّا ... سبقناها لأيدِي العالِمينا
عصا كرمٍ ورثْناها أبانا ... ونورثُها إذا متنا بنينا
إذا وزِنَ الحصى فوزنتُ قومِي ... وجدتُ حصى ضرائبهمْ رزينا
ومن يحفرْ أراكتنا يجدْها ... أراكةَ هضبةٍ ثقبتْ شؤونا
ونحنُ الحابسونَ إذا عزمنا ... ونحنُ المقدمونَ إذا لقينا
ونحنُ المانعونَ إذا أردْنا ... ونحنُ النازلُونَ بحيثُ شئنا
إذا ندبتْ روايا الثقلِ يوماً ... كفينا المضلعاتِ لِمَن يلينا
إذا ما قيلَ من لحماةِ يومٍ ... فنحنُ بدعوةِ الداعِي عنينا
وتلقى جارَنا يثنِي علينا ... إذا ما حانَ يوماً أن يبينا
همُ فخروا بخيلهمِ فقلنا ... بغيرِ الخيلِ تغلبُ أوعدينا
لنا آثارهُنَّ على معدٍّ ... وخيرُ فوارسٍ لخيرِ فينا
وعلمْنا سياستهنَّ إنا ... ورثنا آلَ أعوجَ عن أبينا
مقربةً إذا خوتِ الثريا ... جعلنا رزقهنَّ مع البنينا
وكنَّ إذا أبرنَ ديارَ قومٍ ... عطفناها لقومٍ آخرينا
كأنَّ شوادِخَ الغراتِ منهمْ ... بوازي يصطفقنَ ويلتقينا
أصابتْ حربنا جشمَ بنَ بكرٍ ... فأصبحَ بيتُ عزهمُ عزينا
ألمْ نتركْ نساءَهُمُ جميعاً ... بأقبالِ الهضابِ مسندينا
بدأنا ثمَّ عدنا فاصطلمنا ... شراذِمَ منْ أنوفِكُمُ بقينا
قتلناكمْ ببلدَة كلِّ أرضٍ ... وكنا في الحروبِ مجربينا
بأسيافٍ لنا متوارِثاتٍ ... كشهبانٍ بأيْدِي مصلتينا
إذا خالطْنَ هامةَ تغلبيٍّ ... فقلنَ الرأسَ منهُ والجبينا
ألمْ نتركْ نساء بنِي زهيرٍ ... على القتلى يحلقنَ القرونا
تمنيتَ المنى فكذبتَ فيها ... ورويتَ الرماحَ وما روينا
وما تركتْ رماحُ بني سليمٍ ... لفحلٍ في حواصِنِهمْ جنينا
وإنَّ بناتَ حلابٍ وجدْنا ... فوارِسهنَّ في الهيجا قيُونا
وهم تركوا على أكنافِ لبنى ... نساءَهُمُ لنا لما لقونا
إذا ما حارَبَتْكَ بطونُ قيسٍ ... حسبتَ الناسَ حرباً أجمعينا
عليكَ البحرَ حيثُ نفيتَ إنّا ... منعناك السهولَةَ والحزُونا
وقال الراعي: الطويل
ألمْ تدرِ ما قالَ الظباءُ السوانحُ ... مرنَ أمامَ الركبِ والركْبِ رائحُ
فسبحَ من لمْ يزجرِ الطيرَ منهمُ ... وأيقنَ قلبي أنهنَّ نواجحُ
فأولُ منْ مرتْ بهِ الطيرُ نعمةٌ ... لنا ومبيتٌ عندَ لهوةَ صالحُ
سبتكَ بعينيْ جؤذَرٍ حفلتهما ... رعاثٌ وبراقٌ من اللونِ واضحُ
وأسودَ ميالٍ على جيدِ مغزلٍ ... دعاها طلى أحوَى برمانَ راشِحُ
عذابَ الكرى يشفي الصدَى بعدَ رقدَةٍ ... لهُ من عروقِ المستظلةِ مائحُ
غذاهُ وحولِيُّ الثرى فوقَ متنهِ ... مدبُّ الأتِيِّ والأراكُ الدوائحُ
فلما انجلى عنهُ السيولُ بدا لها ... سقيُّ خريفٍ شقَّ عنهُ الأباطحُ
إذا ذقتَ فاها قلتَ طعمُ مدامةٍ ... دنا الزقُّ حتى مجها وهو جانحُ
وفي العاجِ والحناءِ كفٌّ بنانُها ... كشحمِ النقا لمْ يعطها الزندَ قادِحُ
فكيفَ الصبا بعدَ المشيبِ وبعدما ... تمدحتَ واستعلى بمدحكَ مادحِ
وقد رابني أنَّ الغيورَ يودُّنِي ... وأنَّ ندامايَ الكهولُ الجحاجحُ
وصدَّ ذواتُ الضغنِ عني وقدْ أرَى ... كلامِي يهواهُ النساءُ الجوامحُ
وهزةَ أظعانٍ عليهنَّ بهجةٌ ... طلبتُ وريعانُ الصبا فيَّ جامحُ
بأسفلِ ذي بيضٍ كأنَّ حمولَها ... نخيلُ القرى والأثأبُ المتناوحُ
فعجن علينا من علاجيمَ جلةٍ ... لجاجتنا منها رتوكٌ وفاسحُ
يحدثننا بالمضمراتِ وفوقها ... ظلالُ الخدورِ والمطِيُّ جوانحُ