للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الراعي يفتخر: الوافر

أبَتْ آياتُ حبى أن تبينا ... لنا خبراً وأبكينَ الحزينا

وكيفَ سؤالنا عرصاتِ ربعٍ ... تركنَ بقفرةٍ حتى بلينا

وأحجاراً من الصوانِ سفعاً ... بهنَّ بقيةٌ مما صلينا

عرفناها منازِلَ آلِ حبَّى ... فلمْ نملكْ من الطرَبِ العُيُونا

تراوَحَها رواعدُ كلِّ هيجٍ ... وأرواحٌ أطلْنَ بها حنينا

بدارةِ مكمنٍ ساقتْ إليها ... رياحُ الصيفِ أرْآماً وعينا

حفرنَ عروقَها حتى أجنتْ ... مقاتلها وأبديْنَ القرونا

كناسُ تنوفةٍ ظلَّتْ إليهِ ... هجانُ الوحْشِ حارِنَةً حرونا

يقلنَ بعاسمينَ فذاتِ رُمحٍ ... إذا حانَ المقيلُ ويرتعينا

كأنَّ بكلِّ رابيةٍ وهجلٍ ... منَ الكتانِ أبلاقاً بنينا

ونارِ وديقةٍ في يومِ هيجٍ ... من الشعرَى نصبتُ لهُ الجبينا

إذا معزاءُ رابيةٍ أرنتْ ... جنادبُها وكانَ الأدْمُ جونا

وعاريةِ المحابِسِ أم وحشٍ ... ترى عصبَ السمامِ بها عزينا

نصبتُ بها روائِي فوقَ شعثٍ ... بموماةٍ يظنونَ الظنونا

إلى أقْتادِ راحِلَتِي فظلَّتْ ... تنازِعُهُ الأعاصيرُ الوضِينا

ونحنُ لدى دفوفِ مغوراتٍ ... نقيسُ على الحصى نطفاً بقينا

قليلاً ثمَّ طرْنا فوقَ خوصٍ ... يلاعبنَ الأزِمةَ والبرينا

مضبرةٌ مرافقهنَّ فتلٌ ... نواعِبَ بالرؤوسِ إذا حدينا

إذا الحاجاتُ كنَّ وراءَ خمسٍ ... منَ الموماةِ كنَّ بها سفينا

وماءٍ تصبحُ الفضلاتُ منهُ ... كخمرِ براقَ قدْ فرط الأجونا

وردتُ مديهُ فطردتُ عنهُ ... سواكِنَ قدْ تمكنَّ الحضونا

بصفنةِ راكبٍ وموصلاتٍ ... جمعتُ الرثَّ منها والمتينا

ومصنعةٍ هنيدَ أعنتُ فيها ... على لذاتِها الثملَ المنينا

ونازَعَنِي بها ندمانُ صدقٍ ... شواءَ الطيرِ والعنبَ الحقينا

وطنبورٍ أجشَّ وريحِ ضغثٍ ... منَ الريحانِ يتبعُ الشؤونا

وعيشٍ صالِحٍ قدْ عشتُ فيه ... لوانَّ عمادَ ظلتهِ يقينا

وأظعانٍ طلبتُ بذاتِ لوثٍ ... يزيدُ رسيمها سرعاً ولينا

منَ العيديّ تحملني ورحلِي ... وتحملها ملاطِسُ ما يقينا

إذا خفقتْ مشافرُها وظلتْ ... بسيرتَها مصانعةً ذَقُونا

عقيلةُ أيْنُقٍ أغدُو عليها ... إذا حاجاتُ قومٍ يعترينا

ألا يا ليتَ راحلتِي بخبتٍ ... ميممةً أميرَ المؤمنينا

وإنْ دميتْ مناسمُها وألقتْ ... بموماةٍ على عجلٍ جنينا

تشقُّ الطيرُ ثوبَ الماءِ عنهُ ... بعيدَ حياتهِ إلاَّ الوتينا

وهزةِ نسوةٍ منْ حيٍّ صدقٍ ... يزججنَ الحواجِبَ والعيونا

طلبتُ وقدْ تواهقتِ المطايا ... بيعملةٍ تبذُّ السابقينا

وحثَّ الحادِيانِ بأمِّ لهوٍ ... ظعائنَ في الخليطِ الرافعينا

أنخنَ جمالهنَّ بذاتِ غسلٍ ... سراةَ اليومِ يمهدْنَ الكدونا

بروضٍ عازبٍ سرحنَ فيهِ ... سواماً وانتظرنَ بهِ الظعونا

وما مالَ النهارُ وهنَّ فيها ... يخدَّرْنَ الدمقسَ ويحتوينا

فرحنَ عشيةً كبناتِ مخرٍ ... على الغبطاتِ يملأنَ العيونا

دعونَ قلوبنا بأثفياتٍ ... فألحقنا قلائصَ يغتلينا

بغيطلةٍ إذا التفتْ عليها ... نشدناها المواعِدَ والديونا

عطفنَ لها السوالِفَ من بعيدٍ ... فقلتُ عيونَ آرامٍ كسينا

أولئك نسوةٌ في إرثِ مجدٍ ... كرائمَ يصطفينَ ويصطفينا

مدلاتٌ يسرنَ بكلِّ ثغرٍ ... إذا أرقنَ من فزعٍ حمينا

لهنَّ فوارِسٌ ليسوا بميلٍ ... ولا كشفٍ إذا قلنًَ امنعونا

ظعائنُ منْ كرامِ بني نميرٍ ... خلطنَ بميسمٍ حسباً ودينا

تفرعْنَ النصورَ وحيَّ معنٍ ... وسادَةَ عامرٍ حتى رضينا

وسبقٍ تعظمُ الأخطارُ فيهِ ... ويحسِرُ جريُهُ البَطَلَ البطينا

شهدناهُ بفتيانٍ كرامٍ ... فلمْ نبرحْ بهِ حتى عُلينا

تبادرنا إساءَتَهُ فجئنا ... من الأفلاجِ نلتهمُ المئينا

ومعتركٍ تشقُّ البيضَ فيهِ ... كشقِّ الجارزِ القمعَ السمينا

<<  <   >  >>