للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأنهُ إذا أضاءَ البرقُ بهجتهُ ... في أصبهانيةٍ أو مصطلي نارِ

أما السراةُ فمنْ ديباجةٍ لهقٌ ... وبالقوائمِ مثلُ الوشي بالقارِ

حتى إذا انجابَ عنهُ الليلُ وانكشفتْ ... سماوةٌ عن أديمٍ مصحرٍ عارِ

آنسَ صوتَ قنيصٍ أو أحسَّ بهمْ ... كالجنِّ يهفونَ من جرمٍ وأنمارِ

فانصاعَ كالكوكبِ الدريّ ميعتهُ ... غضبانَ يخلطُ من معجٍ وإحضارِ

فأرسلوهنَّ يذرينَ الترابَ كما ... تذرِي سبائخَ قطنٍ ندفُ أوتارِ

حتى إذا قلتُ نالتهُ سوابقُها ... وأرهقتهُ بأنيابٍ وأظفارِ

أنحى إليهنَّ عيناً غيرَ غافلةٍ ... وطعنَ مختبرِ الأقرانِ كرارِ

فعفرَ الضارياتِ اللاحقاتِ بهِ ... عفرَ الغريبِ قداحاً بينَ أيسارِ

يعذنَ منهُ بحزانِ المتانِ وقدْ ... فرقنَ منهُ بذِي وقعٍ وآثارِ

حتى شتا وهوَ مغبوطٌ بغائطهِ ... يرعى ذكوراً أطاعتْ بعدَ أحرارِ

فرداً يغنيهِ ذبانُ الرياضِ كما ... غنى الغواةُ بصنحٍ عندَ أسوارِ

كأنهُ من ندى القراصِ مغتسلٌ ... بالورسِ أو خارجٌ من بيتِ عطارِ

وشارِبٍ مربحٍ بالكأسِ نادمني ... لا بالحصورِ ولا فيها بسواري

نازعتهُ طيبَ الراحِ الشمولِ وقدْ ... صاحَ الدجاجُ وحانتْ وقعةُ السارِي

من خمرِ عانةَ ينصاعُ الفراتُ لها ... في جدولٍ صخبِ الآذِيِّ مرارِ

كمتْ ثلاثةَ أحوالٍ بطينتها ... حتى إذا صرحتْ من بعدِ تهدارِ

آلتْ إلى النصفِ من كلفاءَ أنزعها ... علجٌ ولثمها بالجفنِ والغارِ

ليستْ بسوداءَ من ميثاءَ مظلمةٍ ... ولمْ تعذبْ بأدناءٍ من النارِ

لها رداءانِ نسجُ العنكبوتِ وقدْ ... لفتْ بآخرَ من ليفٍ ومن قارِ

صهباءَ قدْ كلفتْ من طول ما حبستْ ... في مخدعٍ بينَ جناتٍ وأنهارِ

عذراءَ لمْ تجتلِ الخطابُ بهجتها ... حتى اجتلاها عبادِيٌّ بدينارِ

في بيتِ منخرِقِ السربالِ معتملٍ ... ما إنْ عليهِ ثيابٌ غيرُ أطمارِ

إذا أقولُ تراضينا على ثمنٍ ... ضنتْ بها نفسُ خبِّ البيعِ مكارِ

كأنما العلجُ إذْ أوجبتُ صفقتها ... خليعُ خصلٍ نكيبٌ بينَ أيسارِ

لما أتوها بمصباحٍ ومبزلهمْ ... سارتْ إليهم سؤورَ الأجدلِ الضاري

تدمَى إذا طعنوا فيها بجائفةٍ ... فوقَ الزجاجِ عتيقٌ غيرُ مصطارِ

كأنما المسكُ نهبى بينَ أرجلنا ... مما تضوعَ من ناجودِها الجارِي

إني حلفتُ بربِّ الراقصاتِ وما ... أضحى بمكةَ من حجبٍ وأستارِ

وبالهديّ إذا احمرتْ مذارعُها ... في يومٍ نسكٍ وتشريقٍ وتنحارِ

وما بزمزمَ من شمطٍ محلقةٍ ... وما بيثربَ من عونٍ وأبكارِ

لألجأتني قريشٌ خائفاً وجلاً ... ومولتنِي قريشٌ بعدَ إقتارِ

المنعمونَ بنِي حربٍ وقدْ حدقتْ ... بيَ المنيةُ واستبطأتُ أنصارِي

بهمْ تكشفُ عن أحيائها ظلمٌ ... حتى ترفعَ عن سمعٍ وأبصارِ

قومٌ إذا حاربوا شدُّوا مآزرهمْ ... دونَ النساءِ ولو باتتْ بأطهارِ

وقال الأخطل يمدح بشر بن مروان ويهجو جريراً: الطويل

عفا الجوفُ من سلمى فبادتْ رسومها ... فذاتُ الصفا صحراؤها فقصيمها

فأصبحَ ما بينَ الكلابِ وحابسٍ ... قفاراً يغنيها مع الليلِ بومها

خلتْ غيرَ وحدانٍ تلوحُ كأنها ... نجومٌ بدتْ وانجابَ عنها غيومها

بمستأسدٍ تجري الندى في رياضهِ ... سقتهُ أهاضيبُ الصبا ومديمها

إذا قلتُ قدْ خفتْ تواليهِ أقبلتْ ... بهِ الريحُ من عينٍ سريعٍ جمومها

فما زالَ يسقِي بطنَ خبتٍ وعرعرٍ ... وأرضهما حتى اطمأنَّ جسيمها

وعمهما بالماءِ حتى تواضعتْ ... رؤوس المتانِ سهلُها وحزومها

بمرتجزٍ دانِي الربابِ كأنهُ ... على ذاتِ ملحٍ مقسمٌ لا يريمُها

إذا طلَعَتْ فيهِ الجنوبُ تحاملتْ ... بأعجازِ جرارٍ تداعَى خصومُها

سقَى اللهُ منهُ دارَ سلمَى بريةٍ ... على أنَّ سلمى ليسَ يشفَى سقيمها

ولو حملتنِي السرَّ سلمى حملتهُ ... وهل يحملُ الأسرارَ إلا كتومها

<<  <   >  >>