للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منقضبين انقضابَ الحبلَ يتبعهمْ ... بينَ الشقيقِ وبين المقسمِ البصرُ

حتى هبطنَ من الوادِي لغضبتهِ ... أرضٌ يحلُّ بها شيبانُ أو غبرُ

حتى إذا هنَّ وركنَ القصيمَ وقدْ ... أشرفنَ أو قلنَ هذا الخندقُ الحفرُ

وقعنَ أصلاً وعجنا من نجائبنا ... وقد تحينَ منْ ذي حاجةٍ سفرُ

إلى امرئُ لا تعرينا نوافلهُ ... أظفرهُ اللهُ فليهنئْ لهُ الظفرُ

الخائضُ الغمرَ والميمونُ طائرهُ ... خليفةُ اللهِ يستسقَى بهِ المطرُ

والهمُّ بعدَ نجيِّ النفسِ يبعثهُ ... بالحزمِ والأصمعانِ القلبُ والحذرُ

والمستمرُّ بهِ أمرُ الجميعِ فما ... يغترهُ بعدَ توكيدٍ لهُ غررُ

وما الفراتُ إذا جاشتْ جوانبهُ ... في حافتيهِ وفي أوساطِهِ العشرُ

وذعذعتهُ رياحُ الصيفِ فاضطربتْ ... فوقَ الجأجئِ منْ آذيهِ غدرُ

مسحنفرٌ من جبالِ الرومِ يسترهُ ... منها أكافيفُ فيها دونهُ زورُ

يوماً بأجودَ منهُ حينَ تسألهُ ... ولا بأجهرَ منهُ حينَ يجتهرُ

ولمْ يزلْ بكَ واشيهمْ ومكرهمُ ... حتى أشاطوا بغيبٍ لحمَ منْ يسرُوا

فمنْ يكنْ طاوياً عني نصيحتهُ ... وفي يديهِ بدُنْيا دوننا حصرُ

فهوَ فداءُ أميرِ المؤمنينَ إذا ... أبدا النواجذَ قرمٌ باسلٌ ذكرُ

مفترشٌ كافتراشِ الليثِ كلكلَهُ ... لوقعةٍ كائنٌ فيها لهُ جزرُ

مقدمٌ مائتيْ ألفٍ لمنزلةٍ ... ما إنْ رأى مثلهمْ جنٌّ ولا بشرُ

يغشى القناطرَ يبنيها ويهدمها ... مسومٌ فوقها الراياتُ والقترُ

حتى تكونَ لهمْ بالطفِّ ملحمةٌ ... وبالثويةِ لم ينبضْ بها وترُ

ويستبينَ لأقوامٍ ضلالتهمْ ... ويستقيمَ الذي في خدهِ صعرُ

ثمَّ استقلَّ بأثقالِ العراقِ وقدْ ... كانتْ لهُ نعمةٌ فيهمْ ومدخرُ

في نبعةٍ من قريشٍ يغضبونَ بها ... ما إنْ يوازِيَ أعلى نبتها الشجرُ

تعلو الهضابَ وحلوا في أرومتها ... أهلُ الوفاءِ وأهلُ الفخرِ إنْ فخروا

حشدٌ على الحقِّ عيافُو الخنا أنفٌ ... إذا ألمتْ بهمْ مكروهةٌ صبرُوا

وإنْ تدجتْ على الآفاقِ مظلمةٌ ... كانَ لهمْ مخرجٌ منها ومعتصرُ

أعطاهمُ الله جداً ينصرونَ بهِ ... لا جدَّ إلاَّ صغيرٌ بعدُ محتقرُ

لمْ يأشرُوا فيه إذْ كانوا مواليهُ ... ولوْ يكونُ لقومٍ غيرهمْ أشروا

شمسُ العداوةِ حتى يستقادَ لهمْ ... وأعظمُ الناسِ أحلاماً إذا قدرُوا

لا يستقلُّ ذوو الأضغانِ حربهمُ ... ولا يبينُ في عيدانهمْ خورُ

همُ الذين يبارونَ الرياحَ إذا ... قلَّ الطعامُ على العافينَ أو قترُوا

بنِي أميةَ نعماكمْ مجللَةٌ ... تمتْ فلا منةٌ منها ولا كدَرُ

بني أميةَ قدْ ناضلتُ دونكمُ ... أبناءَ قومٍ همُ آوَوْا وهمْ نصرُوا

أفحمتُ عنكمْ بني النجارِ قدْ علمتْ ... عليا معدٍّ وكانُوا طالَ ما هدَرُوا

حتى استكانوا وهمْ منِي على مضضٍ ... والقولُ ينفذُ ما لا تنفذُ الإبرُ

بنِي أميةَ إنِّي ناصحٌ لكمُ ... فلا يبيتنَّ فيكمْ آمناً زفرُ

واتخذُوهُ عدواً إنَّ شاهدَهُ ... وما تغيبَ منْ أخلاقهِ دعرُ

إنَّ الضغينةَ تلقاها وإنْ قدمتْ ... كالعرِّ يكمنُ حيناً ثمَّ ينتشرُ

وقدْ نصرتَ أميرَ المؤمنينَ بنا ... لمّا أتاكَ ببطنِ الغوطةِ الخبرُ

يعرفونكَ رأسَ ابنِ الحبابِ وقدْ ... أمسَى وللسيفِ في خيشومهِ آثرُ

لا يسمعُ الصوتَ مستكاً مسامعهُ ... وليسَ ينطقُ حتى ينطقَ الحجرُ

أمستْ إلى جانبِ الحشاكِ جيفتهُ ... ورأسهُ دونهُ اليحمومُ والصورُ

يسألهُ الصبرُ من غسانَ إذ حضروا ... والحزنُ كيفَ قراكَ الغلمةُ الجشرُ

والحارثُ بنُ أبي عوفٍ لعبنَ بهِ ... حتى تعاورَهُ العقبانُ والنسرُ

وقيسُ عيلانَ حتى أقبلوا رقصاً ... فبايعوكَ جهاراً بعدما كفروا

فلا هدى اللهُ قيساً من ضلالتهمْ ... ولا لعاً لبنِي ذكوانَ إنْ عثرُوا

ضجوا من الحربِ إذْ عضتْ غواربهمْ ... وقيسُ عيلانَ من أخلاقِها الضجرُ

<<  <   >  >>