للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما إنْ أردْنا وِصالَ غيرِهمِ ... ولا قطعْناهمُ كما قطعوا

وقال الأحوص يمدح الوليد:

أمَنْزلَتَيْ مَيٍّ على القِدَمِ اسْلَما ... فقدْ هِجْتُما للشوقِ قَلباً مُتيَّما

وذكَّرْتُما عصرَ الشبابِ الذي مضى ... وجِدَّةَ حبلٍ وصلُهُ قد تَجذَّما

فإنّي إذا حلَّتْ ببِيشٍ مُقيمةً ... وحلَّ بوَجٍّ سالماً أو تتهَّما

عراقيّةٌ شطَّتْ وأصبحَ نفعُها ... رجاءً وظنّاً بالمَغيبِ مُرَجَّما

أُحبُّ دُنوَّ الدارِ منها وقدْ أبى ... بها صَدْعُ شَعْبِ الدارِ أنْ يتلاءَما

بكاها وما يدري سوى الظنِّ ما بكى ... أحَيَّاً يُرَجِّي أمْ تراباً وأعظُما

نأتْ وأتى خوفُ الطَّواعِينِ دونَها ... وقدْ أنعمَتْ أخيارُها أنْ تَصرَّما

وُعدتُ بها شهرَيْنِ ثُمَّتَ لم يزلْ ... بكَ الشوقُ حتى غِبتَ حَولاً مُحرَّما

أفالآنَ لما جلَّ ذو الأثْلِ دونَها ... ندمْتَ ولم تندمْ هنالكَ مَندَما

سلمْتَ بذِكراها وما حُكمُ ذِكرِها ... بفارعةِ الظُّهرانِ إلاّ لتَسْقَما

فدعْها وأحدِثْ للخليفةِ مِدحةً ... تُزِلْ عنكَ بؤسى أو تُفِدْ لكَ مَغنَما

فإنَّ بكفَّيهِ مفاتيحَ رحمةٍ ... وغيثَ حَياً يحيى بهِ الناسُ مُرْهِما

إمامٌ أتاهُ المُلكُ عَفواً ولم يُصِبْ ... على مُلكِهِ مالاً حراماً ولا دما

تَخيَّرهُ ربُّ العبادِ لخَلْقِهِ ... وَلِيّاً وكانَ اللهُ بالناسِ أعلما

فلما ارتضاهُ اللهُ لمْ يدَعْ مُسلماً ... لبَيعتِهِ إلاّ أجابَ وسَلَّما

ينالُ الغِنى والعزَّ من نالَ وُدَّهُ ... ويرهَبُ موتاً عاجلاً إنْ تَنقَّما

ألمْ ترَهُ أعطى الحَجيجَ كأنّما ... أنالَ بما أعطى منَ المالِ دِرهما

تفقَّدَ أهلَ الأخشبَيْنِ فكلَّهمْ ... أنالَ وأعطى سَيْبَهُ المُتَقَسَّما

فراحوا بما أسدى إلى كلِّ بلدةٍ ... بحمدٍ يهُزُّونَ المَطِيَّ المُخَزَّما

كشمسِ نهارٍ أبَتْ للناسِ إنْ بدَتْ ... أضاءَتْ وإنْ غابَتْ محَتْهُ فأظلما

ترى الراغبينَ المُرْتَجينَ نَوالَهُ ... يُحيُّونَ بَسّامَ العشِيّاتِ خِضْرِما

كأنّهمُ يستمطِرونَ بنَفعِهِ ... ربيعاً مرَتْهُ المُعصِراتُ فأثْجَما

تَلِيدُ الندى أرْسى بمكّةَ مجدُهُ ... على عهدِ ذي القَرنَيْنِ أو كانَ أقدما

همُ بيَّنوا منها مَناسكَ أهلِها ... وهمْ حجَروا الحِجرَ الحرامَ وزَمزما

وهمْ منعوا بالمرجِ منْ بطنِ راهِطٍ ... ببِيضِ الصَّفيحِ حَوضَهمْ أنْ يُهَدَّما

عليهمْ منَ الماذيِّ جدْلٌ تَخالُها ... تَرِيكَ سيولٍ في نِهاءٍ مُصَرَّما

فمن يكتُمُ الحقَّ المبينَ فإنّني ... أبَيتُ بما أُعطَيتُ ألاّ تَكلُّما

وإنّي لأرجو منْ نَداكَ رَغيبةً ... أفيدُ غِنىً منها وأفرُجُ مَغرما

مُشابهُ صدقٍ من أبيكَ وشِيمةٌ ... أبَتْ لكَ بالمعروفِ إلاّ تقدُّما

فإنّكَ من أعزَزْتَ عَزَّ ومن تُرِدْ ... هَضِيمَتَهُ لم يُحْمَ أنْ يتهضَّما

قضَيتَ قضاءً في الخلافةِ لم تدَعْ ... لذي نخوةٍ يرجو الخلافةَ مَرغَما

رضِيتُ لهمْ ما قد رضُوا لنفوسِهمْ ... وأفْلَجْتَ من قد كان بالحقِّ أعصما

وقدْ رامَ أقوامٌ رَداكَ فعالجوا ... على رَغمِهمْ أمراً من اللهِ مُحكَما

قضى فعصَوه رغبةً عن قضائِهِ ... فلم يجدوا عمّا أرادوكَ مَرغَما

أبى لهمُ أنْ يخلُصوا من هَوانِهِ ... وأنْ ينزِعوا إكرامَ من كانَ أكرما

ولم يتركوا ذا لُبْسةٍ رأيُهُ عَماً ... ولم يتركوا ذا الدَّرْءِ حتى تَقوَّما

بأسيافِها بعدَ العَما نصروا الهدى ... يقينَ البيانِ لا الحديثِ المُرجَّما

وقال الأحوص وهو بالشام، وأقام بعمّان، وهي مدينة البلقاء فارق ليلةً، وقال ويمدح فيها:

أقولُ بعمّانٍ وهلْ طَربي بهِ ... إلى أهلِ سَلْعٍ إنْ تشوَّقْتُ نافعُ

أصاحِ ألمْ تحزُنْكَ ريحٌ مريضةٌ ... وبرقٌ تَلالا بالعَقيقتَيْنِ رافعُ

فإنَّ غريبَ الدارِ مما يشوقُهُ ... نسيمُ الرياحِ والبروقُ اللوامعُ

<<  <   >  >>