للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلأشكُرَنَّكَ حُسنَ ما أولَيْتَني ... شُكراً تُحَلُّ بهِ المَطيُّ وتُرحَلُ

مِدَحاً يكونُ لكمْ غرائبُ شِعرِها ... مبذولةً ولغيرِكمْ لا تُبذَلُ

وإذا تَنخَّلتُ القَريضَ فإنّهُ ... لكمُ يكونُ خِيارُ ما أتنخَّلُ

أُثني عليكمْ ما بقيتُ فإنْ أمُتْ ... تَخلُدْ غرائبُها لكمْ تُتَمَثَّلُ

فلَعمرُ منْ حجَّ الحجيجُ لوجهِهِ ... تَهوي بهمْ خُوصٌ طلائحُ ذُبَّلُ

إنَّ امرءاً قد نالَ منكَ قَرابةً ... يرجو منافعَ غيرِها لمُضلَّلُ

تعفو إذا جهِلوا بحِلمِكَ جهلهمْ ... وتُنيلُ إنْ طلبوا النَّوالَ فتُجزِلُ

وتكونُ مَعقِلَهُمْ إذا لم يُنجِهمْ ... من شرِّ ما يخشَوْنَ إلاّ مَعقِلُ

حتى كأنّكَ يُتَّقى بكَ دونَهمْ ... منْ أُسْدِ بِيشَة خادرٌ مُتَبسِّلُ

وأراكَ تفعلُ ما تقولُ وبعضُهمْ ... مَذِقُ الحديثِ يقولُ ما لا يفعلُ

وأرى المدينةَ حينَ كنتَ أميرَها ... أَمِنَ البريءُ بها ونامَ الأعزلُ

وقال الأحوص:

ما ضرَّ جيرانَنا إذا انتجَعوا ... لو أنّهمْ قبلَ بينِهمْ ربَعُوا

إنَّ لُبَيْنى قدْ ضَرَّ أقْرَبُها ... ولو أرادوا أنْ ينفعوا نفعوا

هم باعَدوا بالذي كَلِفْتُ بهِ ... أليسَ باللهِ بئسَ ما صنعوا

أحْمَوا على عاشقٍ زيارَتَهُ ... فهْوَ بهِجرانِ بيتِهمْ فَظِعُ

بانوا فقدْ فجَّعوا ببَينِهمِ ... ولم يبالوا أحزانَ من فجَعوا

وهْوَ كأنَّ الهُيامَ خالطَهُ ... وشابَهُ غيرُ حبِّها وجَعُ

تصُدُّ عنها من غيرِ هيبتِهمْ ... مخافةً أنَّ يمسَّها طمعُ

لمَنعِهمْ أُكْلِفَ الفؤادُ بها ... وليسَ يهوى إلاّ التي منعوا

كأنَّ من لامَني لأصرِمَها ... كانوا لِلُبْنى ببَينِهمْ شفعوا

أعطي لُبَيْنى منّي وإنْ نزحَتْ ... صفْواً من الوُدِّ خالقٌ صنَعُ

فاللهُ بيني وبينَ قيّمِها ... يفِرُّ منّي بها وأتَّبِعُ

كأنَّ لُبْنى صَبيرُ غاديةٍ ... أو دميةٌ زُيِّنَتْ بها البِيَعُ

أو ظبيةٌ مُطْفِلٌ أطاعَ لها ... بقْلٌ بجوٍّ ومَشْرَعٌ كرَعُ

لم ترْعَ يوماً جدباً بمَسرحِها ... ولم يرُعْها في مَرتَعٍ فزَعُ

أرْخُ لَعوبٌ كأنَّ مَضحكَها ... برقٌ تلألأَ في المزنِ يلتَمِعُ

تَعقِصُ وحْفاً كأنَّ مُرسَلَهُ ... أساوِدٌ شَبَّ لونَها جرَعُ

على نقيِّ اللِّيتَيْنِ مُعتدلٍ ... لا وَقَصٌ هابَهُ ولا هَنَعُ

من نسوةٍ خُرَّدٍ مُشابِهُها ... منَ الظباءِ العيونُ والتِّلَعُ

أوانِسٌ أمْرُهُنَّ ما أشِرَتْ ... هُنَّ للُبْنى في أمرِها تَبَعُ

يضعْنَ لهوَ الصِّبا مواضعَهُ ... فلا جفاءٌ يُرى ولا خَرَعُ

إذا مشتْ قاربَتْ على مهَلٍ ... مشياً مَكِيثاً واللونُ مُنتقِعُ

تَدافُعُ السيلِ مالَ في جرَعٍ ... ينعرجُ الطَّورَ ثمّ يندفِعُ

بل ليتَ شِعري عمّنْ كلِفْتَ بهِ ... منْ خَثعَمٍ إذْ نآوكَ ما صنعوا

إذْ شطّتِ الدارُ عن ديارِهمِ ... أأمسكوا بالوِصالِ أمْ قطعوا

بل همْ على خيرِ ما عهدتْ وما ... ذاكَ إلاّ التأميلُ والطمعُ

قدْ يحفظُ الوُدَّ والصفاءَ إذا ... كانَ كريماً والشِّعْبُ مُنصدِعُ

كأنّهمْ إذْ غدَتْ بأجمَعِهمْ ... في الفجرِ بُزْلُ الجِمالِ تَهتَرِعُ

دلُّوا على بَكْرَةٍ أضرَّ بها ... نُزّاعُها أو أفاضَها نزَعُ

قد شَفَّ قلبي وهاجَ فُرقَتُهمْ ... شوقاً فنفسي لها جس تقعُ

هلْ لي منَ الشوقِ إذْ كَلِفْتُ بها ... شافٍ فإنّي بحُبِّها طَمِعُ

قدْ ضمّنَتْ حُبَّها أخا كُرَبٍ ... قد شفَّهُ الشوقُ فهْوَ مُوتَزَعُ

لا بدَّ من نظرةٍ أُسَرُّ بها ... منكِ لُبَيْنى والحبلُ مُنقطِعُ

قد هيَّجَ الشوقَ منزِلٌ لهمُ ... بالجوِّ أمسى وأهلُهُ بِدعُ

وزوَّدوني في النفسِ شَوقَهمُ ... فالعينُ منّي بالدمعِ تَندرِعُ

إنّي وأيدي الخِفافِ يُعملُها ... شُعثٌ إلى البيتِ قَلَّ ما هجعوا

<<  <   >  >>