للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدْ كانَ أحياناً إذا اقتادَهُ الهوى ... عصا في هواهُ العاذلينَ فأصحبا

فأصبحتُ ذا صغْوٍ إلى اللهوِ بعدَما ... وهى منكَ باقي حبلِهِ فَتقضَّبا

تمنّى المَنى القلبُ اللَّجوجُ وقدْ ترى ... بعينِكَ إنْ لمْ يطلُبِ اللهوَ مَطْلَبا

وكيفَ طِلابُ البِيضِ أو تَبَعُ الصِّبا ... وقد صِرتُ من شيبٍ تَغشّاكَ أشيبا

وكان طلاب الغانيات كأنما ... تباعده منهن أن يتقربا

على أنَّ من سلمى خيالاً إذا نأتْ ... بها الدارُ لم يُخلِفْكَ أنْ يتأوَّبا

يُلمُّ فيأتي بالسلامِ ودونها ... بلادٌ ترى أعلامَها الغُبْر نضبّا

إذا كُلِّفَتْها العيسُ قطَّعَ بَينَها ... فيافيَ يترُكْنَ الأيانقَ لُغَّبا

تراهُنَّ بعدَ البُدْنِ من شدّةِ السُّرى ... دقاقاً كأقواسِ المعَطَّفِ شُزَّبا

عرفتُ لها داراً بمدفَعِ داحِسٍ ... قِفاراً عفَتْ إلاّ نَعاماً ورَبْرَبا

رعَيءنَ الندى حتى إذا يبِسَ الثَّرى ... وخفَّتْ رياحُ الصيفِ شرقاً ومغرِبا

ولاحَتْ منَ الصبحِ الثريّا ولم يجِدْ ... صدى إبلٍ إلاّ المهايعَ مَشرَبا

دعَتْ بالجِمالِ البُزْلِ للظعنِ بعدَما ... تَجذَّبَ راعي الإبلِ ما قدْ تَحلَّبا

بكلِّ سَنيدِ المَنكبَيْنِ تَخالُهُ ... منَ البُدنِ لمّا زالَ بالحملِ أغلبا

عَلَنْدىً كأنَّ الحُصَّ لونَهُ ... إذا الخطْوُ عن أعلى صلاهُ تَقوَّبا

مُنعَّمةٌ كالريمِ لمْ تخشَ فاقةً ... عليها ولم تتْبَعْ شقيّاً مُعذَّبا

رمَتْهُ بسهمِ الجهلِ فاصطادَ قلبَهُ ... سُلَيمى وقدْ مالوا بعزَّى وجرَّبا

فلمْ أرَ ممّنْ يسكُنْ المِصرَ مثلَها ... جمالاً ولا اللائي رمَيْنَ المحَصَّبا

تُكرِّمُهُ بالوُدِّ وهْوَ يَشُفُّهُ ... إليها هوىً مما بدا أو تغيَّبا

إذا حدَّثَ الركبَ العِجالَ بذِكرِها ... طَرُوقاً وقد ملُّوا الجبالَ وأطْنبا

تَهدَّى شبابٌ بالغواني وإنّني ... لمثْنٍ وما أخشى بهِ أنْ أكذَّبا

على الصيدِ من بكرٍ ذوي التاجِ إنّهمْ ... كِرامُ القِرى حشدٌ إذا السرْحُ أجدبا

إذا قطْرُ آفاقِ السماءِ رأيتَهُ ... منَ المحْلِ مُحمرَّ الجوانبِ أصهبا

وجدْتَ الجفانَ الرُّوحَ حولَ بيوتِهمْ ... لمنْ باتَ في ناديهمِ أنْ يُحَجَّبا

مُبرَّزةً فيها البوائكُ كلّما ... خلَتْ جَفْنةٌ عُلَّتْ سَديفاً مُشَطّبا

أولئكَ قومي من يَقِسْهُمْ بقومِهِ ... يُلاقِ وعُوراً دونَهمْ إذْ تذَبْذَبا

لنا عددٌ أربى على عددِ الحصى ... ومجدٌ تِلادٌ لمْ يكنْ مُتأشّبا

لنا باذخٌ نالَ السماءَ فروعُهُ ... جَسيمٌ أبَتْ أركانُهُ أنْ تَصوَّبا

فنحنُ حُدَيّا الجِنِّ والإنسِ كلِّها ... فِصالاً لمنْ عدَّ القديمَ ومَحْسَبا

وإنّا أحقُّ الناسِ بالباعِ والندى ... وأكثرَهُ قوماً إذا عُدَّ مُصعَبا

وأكثرَهُ بيتاً طويلاً عِمادُهُ ... وأكثرهمْ بَدءاً إذا هُزَّ مِحْرَبا

كريماً ترى الأبطالَ تعلم أنّهُ ... أخو نجدةٍ ماضٍ إذا ما تَلبَّبا

منيعاً تفادى الخيلُ منهُ كأنّما ... يُحاذِرْنَ وطّاءَ الفَريسِ مُهَيَّبا

غَذِيّاً أبا شِبْلَيْنِ يشغَلُ قِرنَهُ ... إذا عضَّ لمْ يَنْكُلْ حشاها ونَيَّبا

بنا يُتَّقى الثغرُ المخوفُ لقاؤُهُ ... إذا ما دعا داعي الصباحِ وثَوَّبا

وكمْ من رئيسٍ قد غزانا فلمْ يؤُبْ ... إلى قومِهِ إلاّ طليقاً مُسَيَّبا

أتاهُمْ بلا نهبٍ وأسلَم جيشَهُ ... أسيراً مُهاناً أو قتيلاً مُلَحّبا

ونحنُ عبأْنا يومَ حِنْوِ قُراقِرٍ ... لحَلْبَةِ كِسرى والذي كانَ أشَّبا

فوارسَ صدقٍ لا يبالونَ من ثَوى ... إذا كسَفوا يوماً أغرَّ مُحبَّبا

على كلِّ شَوهاءِ العَنانِ كأنّها ... عُقابٍ إذا ما العِطفُ منها تَحلَّبا

وأجردَ عُريانٍ كأنَّ لجامَهُ ... إذا ما تراقى علْقَ جِذْعاً مُشَذّبا

إذا اغْتربَتْ منّا هِجانٌ كريمةٌ ... وجدْتَ ابنَها إذا عُدَّ خالاً ومُنجِبا

<<  <   >  >>