فأخطأَها وانفلَّ عن ظهرِ خالدٍ ... منَ الجَندِ مَردودُ الشَّباةِ رَثيمُ
فجالَتْ على وحشِيِّها بعدَ دَنْوَةٍ ... منَ الموتِ واستولى أحَذُّ رَجومُ
وأصبحَ يَحويها كأنَّ صِفاقَهُ ... منَ الترسِ في أولى الجيادِ لَطيمُ
بمَرْقَبةٍ عَلياءَ يرفعُ طرْفَهُ ... بها علَمٌ دونَ السماءِ جَسيمُ
تكشَّفُ عن طاوي الغِرارِ كأنّهُ ... فلافلُ جُونٌ عهدُهُنَّ قديمُ
كقَوسٍ منَ الشِّريانِ ليسَ بفَجوِها ... فُطورٌ ولا بالطائفينَ وصومُ
أذلكَ أمْ كُدْرِيَّةٌ هاجَ وِردَها ... منَ القَيظِ يومٌ صاخدٌ وسَمومُ
غدَتْ كنواةِ المُقْلِ لا مُضمحلّةٌ ... وناةٌ ولا عَجلى الفُتورِ سَؤومُ
لتسقي زُغْباً بالتَّنوفةِ لم تكنْ ... خِلافَ مُولاّها لهُنَّ حَميمُ
تَرابِكَ في الأرضِ الفلاةِ ومنْ يضَعْ ... بمَوضِعِها الأولادَ فهْوَ مُليمُ
جُنوحاً بزِيزاةٍ كأنَّ متونَها ... أفاني حَياً بعدَ النباتِ حَطيمُ
إذا استقبلَتْها الريحُ طَمَّتْ رفيعةً ... وإنْ كسعَتْها الريحُ فهْيَ سَؤومُ
تُواشكُ رَجعَ المَنكبَيْنِ وترتمي ... إلى كَلْكَلٍ للهادِياتِ قَدُومُ
فما انخفضَتْ حتى رأتْ ما يَسرُّها ... وفيءُ الضحى قد آلَ فهْوَ ذَميمُ
أباطِحَ لم تنصَبْ على حيثُ تستقي ... بها شَرَكٌ للوارِداتِ مُقيمُ
سقَتْها سُيولُ المُوشِماتِ فأصبحَتْ ... علاجِمَ تجري مرّةً وتدومُ
فلما استقَتْ من باردِ الماءِ وانجلى ... عنِ النفسِ منها لوعةً وهمومُ
دعَتْ باسمِها حتى استقَتْ واستقلَّها ... قوادمُ حُجْنٌ ريشُهنَّ سليمُ
بجَوزٍ كحُقِّ الهاجريّةِ لَزَّهُ ... بأطرافِ عودِ الفارسيِّ لَطيمُ
فغنَّتْ عُنوناً وهْيَ صَغواءُ ما بها ... ولا بالخوافي الخافقاتِ حشومُ
على خطمِ جَونٍ قد بدا من ظلالِهِ ... غطاءٌ يكُفُّ الناظرينَ بَهيمُ
رمى بالنهارِ الغَورَ فالطيرُ جُنَّحٌ ... رفاقٌ بِعيدانِ العِضاهِ لزومُ
دعَتْهُنَّ عَجلى فاستجَبْنَ لصوتِها ... بمَهوىً وهنَّ كالكراتِ جُثومُ
يَنُؤْنَ إلى النَّقْناقِ حيثُ سمِعْنَهُ ... قِصار الخُطى ليستْ لهنَّ جُرومُ
تُراطِنُ وقْصاءَ القفا حَمْشةَ الشَّوى ... بدعوى القطا لحنٌ لهنَّ قديمُ
تَنُوفيّةُ الأوطانِ كالدُّرْجِ زانَهُ ... بأطرافِ عُودِ الفارسيِّ رُقومُ
فبِتْنَ قريراتِ العيونِ وقدْ جرى ... عليهنَّ شِربٌ فاستقَيْنَ مُنيمُ
صَبيبَ سِقاءِ نِيطَ قدْ نزلتْ بهِ ... مُعاوِدةٌ سِقْيَ الفراخِ رَؤومُ
فلمّا انجلَتْ عنها الدجى وتبيَّنتْ ... منَ الأرضِ والأجلاءِ حيثُ تَحومُ
أصادِعةٌ شَعبانُ منها أديمُها ... ونحنُ صِحاحٌ والأديمُ سليمُ
وأنتمْ بنو لُبنى ونحنُ فكُلُّنا ... لهُ جانبٌ يختارُهُ وحَريمُ
وقال مُزاحم أيضاً:
أشاقَتْكَ بالغَرَّيْنِ دارٌ تأبَّدتْ ... منَ الحيِّ واستَنَّتْ عليها العواصفُ
صَباً وشَمالاً نَيْرَجاً تَعْتَفِيها ... عَثانينُ نَوباتِ الجَنوبِ الزَّفازِفُ
ورائحةٌ غُرٌّ وجُونٌ يقودُها ... بأنجِيَةِ الماءِ الرّواءِ الدوالِفُ
وقفتُ بها لا قاضياً لي لُبانةً ... ولا مُستمِرٌّ في سَريحٍ فصارِفُ
طليحةَ أسفارٍ تنقَّيْتُ طَرقَها ... كما يتنقَّى جِدّةَ الغِلِّ طائفُ
سَراةَ الضحى حتى ألاذَ بخُفِّها ... بقيةُ منقوصٍ من الظلِّ صائفُ
وقفتُ بها حتى تعالَتْ ليَ الضحى ... ومَلَّ الوقوفَ المُبرياتُ العوارفُ
وقال زميلي بعدَ طولِ مُناخِنا ... إلى أيِّ حينٍ أنتَ في الدارِ واقفُ
فقلتُ حَلٍ طالَ الوقوفُ وسامحَتْ ... قرينةُ من عاتبْتُ والقلبُ آلِفُ
وما جَونةُ المِدْرى خَذولٌ دَنا لها ... بقُرىً مُلاحِيٌّ من المَرْدِ ناطِفُ
أصيبَ طَلاها وهْيَ قَبّاءُ لاحَها ... تَلمُّسُ حولِ العهدِ ما لا تصادفُ
طَليحٌ كجَفنِ السيفِ لم يشْفِ لُبَّها ... إهابٌ مُشَكَّىً في كُراعَيْنِ شاسِفُ