للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما رأيتَ ابنَ ليلى عندَ غايتِهِ ... في كفِّهِ قصباتُ السابقِ الخِيرُ

هِيتَ الفرزدقَ فاستعْفَيْتَني جزَعاً ... للموتِ يعمدُ والموتُ الذي تذَرُ

فاخْسأْ لعلكَ ترجو أن يحُلَّ بنا ... رحْلُ الفرزدقِ لمّا عضّكَ الدبَرُ

تهجو بَني لَجإٍ لما انهزمتَ لهُ ... رُعباً وأنفُكَ مما قال مُختصَرُ

إنّي أنا البحرُ غَمراً لستَ جاسرَهُ ... وسَبِّيَ النارَ دونَ البحر تستعِرُ

ما زلتَ تنتجعُ الأصواتَ مُعترضاً ... تروحُ في اللُّومِ مُشتقّاً وتبتكِرُ

حتى استثَرتَ أبا شِبلَينِ ذا لِبَدٍ ... وزُبْرَةٍ لم تُواطي خَلْقَها الزُّبَرُ

وردَ القَرى كصفاةِ الهَضْبِ جبهتُهُ ... يموتُ من زِأرِهِ في الغابةِ النمرُ

يعدو فتنفرجُ الغُمّى إذا انفرجَتْ ... والقِرنُ تحتَ يدَيهِ حينَ يَهتصِرُ

شكّتْ أنابيبُهُ صُدغَيكَ مُقتدِراً ... شَكَّ المساميرِ عوداً جوفُهُ نَخِرُ

ما بالُ قولِ جَريرٍ يومَ أحبِسُهُ ... عنِ المشاربِ إنَّ الماءَ يُحتضرُ

خَلِّ الطريقَ لنا نشربْ فقلتُ لهُ ... خلْفٌ وراءَكَ حتى تَفْضُلَ السُّؤرُ

إنَّ الطريقَ طريقُ الوارِدينَ لنا ... يا بنَ الأتانِ وأحواضُ الجِبى الكُبَرُ

إنَّ الحياضَ التي تبني بنو الخَطَفى ... تُبنى بلؤمٍ فما تنفكُّ تنفجرُ

ككانتْ غوائلها السفلى أعاليها ... فكيفَ تُبنى عليها وهْيَ تنكسرُ

أبنو المنارَ فإنَّ العبدَ يَنضدُهُ ... فوقَ الصُّوى وعلى خُرطوبِهِ المَدَرُ

إنْ كنتَ تبكي على الموتى لتَنكِحَهُمْ ... فابْرُكْ جريرُ فهذا ناكحٌ ذكرُ

لقدْ كذبتَ وشرُّ القولِ أكذَبُهُ ... ما خاطرتْ بكَ عن أحسابِها مُضرُ

بلْ أنتَ نزوةُ خَوّارٍ على أمَةٍ ... لنْ يسبقَ الحلباتِ اللؤمُ والخَوَرُ

يا بنَ المَراغةِ شرَّ العالمينَ أباً ... زُعْ بالمَراغةِ حيث اضطرّكَ القدرُ

ما بالُ أمِّكَ بالمَنْحاةِ إذْ كشفَتْ ... عن عَضْرَطٍ وارِمٍ قد غمّهُ الشَّعَرُ

لبَربريٍّ خبيثِ الريحِ أبركَها ... هلا هنالكَ يا بنَ اللؤمِ تنتصرُ

كأنَّ عُنبُلَها والعبدُ يَنسِفُها ... حِبْنٌ على ركَبِ البَظراءِ يَنبَترُ

كأنَّ جفْرَ صراةٍ مُطْرِمٍ هَدِمٍ ... مَشْغَرُ أمِّ جريرٍ حينَ تشتغرُ

رحب المشَقِّ عليهِ الليفُ ذو زبدٍ ... مُعْتَصِلٌ قَبْقبيُّ الصوتِ مُنهمرُ

اللؤمُ أنكحَها واللؤمُ ألقحَها ... وكلُّ فحلٍ لهُ من ضرْبِهِ قدرُ

ما قلتَ في مِرّةٍ إلا سأنقُضُها ... يا بنَ الأتانِ بمثلي تُنقصُ المِرَرُ

جاءتْ بأنفِ جريرٍ شَعرُها معهُ ... إنَّ الثنيّةَ ذاتَ الفرعِ تُبتَدرُ

جاءتْ بأرضَعَ عبدٍ من بني الخَطَفى ... في أخدعَيْهِ إذا استقبلتَهُ صَعَرُ

لو كنتَ بَرّاً بأمٍّ غيرِ مُنجبةٍ ... شرَمْتَ جُولَ اسْتِها لم يَهجُها عمرُ

أأنْ تمثّلتَ بيتاً يا أبا خُرُطٍ ... ناسٍ لُعابكَ بعدَ الشيبِ ينتثرُ

فارْهَزْ أباكَ بُنيَّ الخَيْطَفى طلقاً ... هذا إليكَ بُنيَّ الخَيْطفى العِذَرُ

واملأْ صِماخَكَ من عوراءَ مُخزيةٍ ... إن كانَ هاجَكَ قولٌ ما به عَورُ

فإنْ أُهِنْكَ فهذا العبدُ أخسَأُهُ ... وإنْ حُقِرْتَ فأنتَ العبدُ تُحتقرُ

وما ختَلْتُ جريراً حينَ أقصدَهُ ... سهمي وما كنتُ ممنْ يخبَأُ القمرُ

جازَ العقابُ بهِ حتى قصدتُ لهُ ... واعترَّ حتى أفادتْ وحشَهُ الغَرَرُ

ومنجنيقُكَ خرّتْ إذْ رمَيتَ بها ... عن اسْتِ أمِّكِ لم يبلغْ لها حجرُ

ترمي على كَزَّةٍ بادٍ قوادحُها ... فاحذرْ فوادحَها لا يُنجِكَ الحذرُ

إنَّ اللئيمَ جريراً يومَ فرّغَهُ ... في قُرنةِ السَّوءِ عبدٌ ماؤُهُ كدِرُ

وفي المشيمةِ لؤمٌ في مَقَرَّتِها ... حتى شوى صُدُغَيْهِ اللؤمُ والكِبَرُ

عبدٌ إذا ناءَ للعَليا تكاءَدَهُ ... سُدٌّ من اللؤمِ لا يجتازُهُ البصرُ

ألقِ العصا صاغراً ليسَ القيامُ لكمْ ... واقعُدْ جريرُ فأنتَ الأعقدُ الزَّمِرُ

<<  <   >  >>