تُفرِّعُ يربوعاً كما ذُدتَ عنهمُ ... وذادَكَ عن أحسابِ تَيمٍ فأرهبا
فأقصرْتَ لما إنْ قصدتَ ولمْ تكنْ ... شغَبْتَ فقد لاقَيتَ في الجَورِ مَشْغَبا
فألقِ العصا وامسحْ سِبالَكَ إنّما ... شربْتَ ابنَ يربوعٍ مَنِيّاً مقَشَّبا
غُلبتَ ابنَ شرّابِ المنيِّ ولمْ تجدْ ... لكمْ والداً إلاّ لئيماً مُغْلَبا
بحقِّ امرئٍ كانتْ غُدانةُ عزَّهُ ... وسُجحَةُ والأحمالُ أن يتصوَّبا
وجدْنا صُبَيراً أهلَ لؤمٍ ودِقّةٍ ... وعُودَ بني العجماءِ في اللؤمِ مَنْصَبا
ألستَ ابنَ يربوعيةٍ يسقطُ ابنُها ... منَ اللؤمِ في أيدي القوابلِ أشيبا
وكان لئيماً نُطفةً ثم مضغةً ... إلى أن تناهى خَلْقُهُ فتشعَّبا
لشرُّ الفحولِ المُرسَلاتِ رضيعُها ... أبى لأبيهِ اللؤمِ أن يَتجنَّبا
يَشِينُ حِجالَ البيتِ ريحُ ثيابِها ... وخبَّثَ خداها الملابَ المُطيَّبا
إذا ما رآها المُحتَلي من ثيابِها ... رأى ظِرباناً جِلدُهُ قد تَقوَّبا
وإنْ سفرَتْ أيدتْ على الناسِ سَوأَةً ... بها وتُواري سَوأةً أن تَنقَّبا
خبيثةُ ريحِ المِشفرَيْنِ كأنّما ... فسا ظَرِبانٌ فيهما أو تَثوَّبا
فرابَ ابنَ يربوعٍ مَشافرُ عِرسِهِ ... وما بينَ رِجلَيْها لهُ كانَ أرْيَبا
فجُنَّ جنوباً لا تَلُمْهُ فإنّهُ ... رأى سَوأةً من واسعِ الشدقِ أهْلَبا
رأى فرْجَ يربوعيةٍ غيرَ طاهرٍ ... إذا ما دنا منه الذبابُ تَقَرْطَبا
لها عُنْبُلٌ يُنْبي الثيابَ كأنّهُ ... قفا الديكِ أوفى عُرفُهُ ثمَّ طرَّبا
فهذا ليربوعٍ سِبابُ نسائِهمْ ... حَباهمْ بهذا شاعرٌ حينَ شَبَّبا
تغنَّيتُ بالفَرعَيْنِ من آلِ وائلٍ ... فعرَّقْتُ إذا خاطرْتُ بَكْراً وتَغلِبا
وما كنتَ إذ خاطرْتَهمْ غيرَ فُرْعُلٍ ... أزَلَّ علاهُ الموجُ حتى تَغيَّبا
ولاقيتَ من فرسانِ بكرِ بن وائلٍ ... فوارسَ خيراً من أبيكَ وأطْيبا
وقال عمر بن لجإٍ يجيب جريراً:
أجَدَّ القلبُ هجراً واجتنابا ... لمنِ أمسى يواصلُنا خِلابا
ومن يدنو ليُعجبُنا وينأى ... فقدْ جمعَ التدلُّلَ والكِذابا
فكيفَ قتلْتِنا يا أمَّ بدرٍ ... ولا قتْلٌ عليكِ ولا حسابا
ألا تجزينَ من أثنى عليكمْ ... وأحسنَ حينَ قالَ وما استثَابا
تصدَّتْ بعدَ شيبِكَ أمُّ بدرٍ ... لتطردَ عنكَ حِلمَكَ حين ثابا
بجِيدِ غزالِ مُقفرةٍ وماحَتْ ... بعُودِ أراكةٍ برداً عِذابا
كأنَّ سلافةً خُلطتْ بمسكٍ ... لتُعليها وكانَ لها قِطابا
ترى فيها إذا ما بيَّتَتْها ... سواري الزوج والْتثمَ الرُّضابا
ليغتبقَ الغِلالةَ من نداها ... صفا فُوها لمُغتبقٍ وطابا
يرُودُ ذُرى النسيمِ لها بشوقٍ ... أصابَ القلبَ فاطَّلعَ الحجابا
أسيلة مَقعِدِ السِّمطَينِ منها ... وغرْثى حيثُ تعتقدُ الحِقابا
إذا مالتْ روادفُها بمَتنٍ ... كغصنِ البانِ افضطربَ اضطرابا
تهادى في الثيابِ كما تهادى ... حَبابُ الماءِ يتّبعُ الحَبابا
ترى الخَلخالَ والدُّملوجَ منها ... إذا ما أُكرِها نَشِبا وهابا
أبتْ إنْ كنتَ تأملُ أمَّ بدرٍ ... توىً قذَفٌ بها إلاّ اغترابا
فكيفَ طِلابُها وحلَلْتَ فلْجاً ... وحلّتْ رملَ دَومةَ فالجِنابا
إذا ما الشيءُ لم يُقدرْ عليهِ ... فلا ذكرى لذاكَ ولا طِلابا
ألا من مُبلغُ الشعراءِ أنّي ... خصَيتُ ابنَ المراغةِ حينَ شابا
إذا خُصيَ الحمارُ كبا وطاشَتْ ... قوائمُهُ وكانَ لهُ تَبابا
أحينَ رأيتَني صرمَتْ شَذاتي ... وجَدَّ الجريُ وانتصبَ انتصابا
تعذّرْ من هجائي فرْطَ حَولٍ ... فقدْ ذهبَ العتابُ فلا عتابا
فأثبِتْ لي سَوادَكَ لا تَضوَّرْ ... فقدْ لاقَيتَ من ضرَمي ذُبابا
وأبصِرْ وَسْمَ قِدْحِكَ وابتَغيهِ ... لئيماً لا طِماحَ ولا اشتِعابا
أتفخرُ يا جريرُ وأنتَ عبدٌ ... من الرَّمكِيّةِ اقتُضبَ اقتِضابا