فلا تفخرْ فإنّكَ من كُليبٍ ... وقارِبْ إنْ وجدتَ لكَ اقترابا
فإنّكَ وانتِحالَكُمْ لِهاباً ... كذاتِ الشيبِ تنتحلُ الشبابا
وفِيمَ ابنُ المراغةِ من لِهابٍ ... وفرسانِ الذينَ علَوا لِهابا
وإلاّ تفتخرْ ببني كُليبٍ ... فما كانوا الصريحَ ولا اللُّبابا
ولا أصلُ الكُليبِ لهُ أَرومٌ ... وجدتَ ولا فروعَهمُ رِطابا
وآيةُ ذاكَ أنَّ بني كُليبٍ ... بشرِّ قرارةٍ وُجدتْ شِعابا
ولمّا أنْ وزنتُ بني كُليبٍ ... فما وزنتْ مكارمُهمْ صُؤابا
فخرتَ بغيرِهمْ وفررتَ منهمْ ... وكنتَ مناضلاً كرِهَ النِّصابا
ترى للؤمِ فوقَ بني كُليبٍ ... سَرابيلاً وأقبِيةً صِلابا
خوالدَ لا تراها الدهرَ تَبلى ... إذا الأيامُ أبلَيْنَ الثيابا
كسوتُهمُ عصائبَ باقياتٍ ... يشدّونَ الرؤوسَ بها اعتِصابا
فألأمُ أعينٍ لبني كُليبٍ ... إذا ولَّوا والأمُهُ رِقابا
فلستَ بواجدٍ لبني كُليبٍ ... كهولاً صالحينَ ولا شبابا
أبانَ اللهُ لؤمَ بني كُليبٍ ... فسوَّى بينَ أعيُنِهمْ كتابا
فإنْ زاغتْ بنِسبَتها كُليبٌ ... أبانَ الخطَّ فانتسبَ انتسابا
زعمتَ ابنَ الأتانِ وأنتَ عبدٌ ... حقيقٌ أنْ تُعذَّبَ أو تُهابا
ولكنْ هي زواجرُ مُقْرِفاتٌ ... رعَيْنَ كِناسَهُ وزجرْنَ هابا
وردَّ عليكَ حكمكَ مُغْرِباتٌ ... سوابقُ ما استطعتَ لها جوابا
همُ آباؤهمْ منعوكَ قِدْماً ... وفكُّوا من عشيرَتِكَ الرقابا
بنو السعدَيْنِ تغضبُ لي وتلقى ... غُدانةَ والحرامَ لكمْ غِضابا
وإنَّ الناصرينَ أعزُّ نصراً ... وأكرمُهُ إذا انتسبوا انتِسابا
بذي لجبٍ من الفرعَيْنِ سعدٍ ... ودُفّاعِ الرِّبابِ سما وثابا
لهمْ عيصٌ ألَفُّ لهُ فروعٌ ... سمتْ صُعُداً فجاوزَتِ السحابا
ونحنُ غداةَ تتبعُنا تميمٌ ... وردْنا بالمُعقَّبةِ الكُلابا
سمَوْنا للعلى حتى رفعْنا ... بتَيمٍ والمُعقبةِ العُقابا
وبالدَّجْنِيَّتَيْنِ لقِيتَ ذُهلاً ... وعمروٌ جدَّعتْكَ على إرابا
فخرْتَ ابنَ الأتانِ بذاتِ كهفٍ ... وغيركَ أنزلَ الملكَ المُصابا
تُعيِّرُنا ابنَ ذاتِ القُنْبِ تَيماً ... ستعلمُ من يكونُ له غِضابا
فهلاّ قُنْبَ أمِّكَ كنتَ تحمي ... ولم تغضبْ لبيتٍ أنْ يُعابا
ألمْ تسألْ حراماً ما فعلْنا ... بسَجْحَةَ إذْ غزوتَ بها الرِّبابا
وجيشٌ حولَ سجحةَ من حرامٍ ... غزا فغزَتْ نَقيبَتُهُ وخابا
فلمّا إنْ لقوا منّا ليوثاً ... تُشبِّهُها المُعبّدةَ الجِرابا
علَوْناهمْ ببِيضٍ مُرهَفاتٍ ... نَقُطُّ بها الجماجمَ والرِّقابا
قليلاً ثمَّ أسلمَهمْ رئيسٌ ... ترى في الجِيدِ مَحْمَلَهُ سِخابا
إذا سجدتْ تُولّيهمْ هَريقاً ... كما نجَلَ البياطرةُ الإهابا
طردْناهمْ من الأوداةِ حتى ... حملناهمْ على نَقوى حِدابا
نَكُرُّ الخيلَ عابسةً عليهمْ ... نُقحِّمُها بنا رُتَباً صِعابا
فذلكَ يومَ لم تمنعْ كُليبٌ ... عَواناً في البيوتِ ولا كِعابا
جززْنا يومَ ذلكَ من كُليبٍ ... نواصيَ لا نريدُ لها ثوابا
أسَجْحَةُ يا جريرُ لكمْ أحَلَّتْ ... نكاحَ الميْتِ قد لقيَ الحسابا
فلا تابَ الإلهُ على جريرٍ ... إذا عبدٌ من السَّوآتِ تابا
تعانقُ أمَّ حَزْرَةَ وهْيَ نعشٌ ... تُكشِّفُ عن جِنازَتِها الثيابا
تركْتُكَ حاقِراً إنْ كنتَ تبكي ... على الأمواتِ تلتمسُ الضِّرابا
أنخْتُ بكلِّ مَبْركةٍ جريراً ... فشابَ ومثلَ مَبرَكهِ أشابا
ينوحُ على حِدابِ أبو جريرٍ ... وعمروٌ جدَّعتْكَ على حِدابا
ولم تكُ لو قتلتَ أباكَ نَيْكاً ... لتمنعَ زُبْدَ أيسرَ أنْ يُذابا
فما شهدَ الكُليبُ غداةَ جمعٍ ... ولا فُقد الكُليب غداةَ غابا
وما كنتَ المُصيبَ غداةَ جانٍ ... بذي أنَفٍ فتدَّعيَ المُصابا
وألهَتْكَ الأتانُ فما شهدْتُمْ ... عتاقَ الخيلِ تستَلِبُ النِّهابا